الحرب العسكرية والحرب النفسية في الصراع الفلسطيني
الواقع أن كل فصيل في الساحة الفلسطينية يسعى إلى إثبات صحة اختياراته السياسية من خلال تسليط الضوء على أخطاء الآخرين، سواء كانوا يؤيدون النهج السياسي أو النهج المقاوم. تتجلى هذه الحالة من الانقسام في التسابق لإدانة الآخر.
تشكلت معالم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال تجارب تاريخية مرير، حيث يتشابك فيه البعد العسكري مع البعد النفسي بشكل كبير. تسعى دولة الاحتلال الإسرائيلية، عبر استراتيجيات متعددة، إلى استخدام الحرب العسكرية جنبًا إلى جنب مع الحرب النفسية لتحقيق أهدافها، مستهدفةً الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، وأيضًا كل من يدعم حق الفلسطينيين في الحرية والعدالة.
تُمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي نظامًا عسكريًا مدعومًا بتقنيات إعلامية متقدمة، حيث يتم استخدامها ليس فقط في ساحة المعركة، بل أيضًا في تطوير سرد إعلامي يتحكم في رواية الصراع. تُستخدم هذه الوسائل لتشويه الحقائق، وإبراز صورة مزيفة عن الوضع، مما يؤدي إلى خلق حالة من الإرباك والضياع في الوعي الجمعي العربي والدولي حول القضية الفلسطينية.
من جهة أخرى، يعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي حاد، وكأنهم يعيشون في دوامة من التفاوت السياسي والإعلامي. يظهر هذا الانقسام عندما يتمسك البعض بخيار الحل السلمي، بينما يعكس آخرون تمسكًا بخيار المقاومة المسلحة. يأتي هذا الانقسام في وقت يحتاج فيه الفلسطينيون إلى وحدة الصف لمواجهة آلة الحرب الإسرائيلية التي لا تكل ولا تمل.
عام دمار غزة.. ماذا نحن فاعلون؟
الواقع أن كل فصيل في الساحة الفلسطينية يسعى إلى إثبات صحة اختياراته السياسية من خلال تسليط الضوء على أخطاء الآخرين، سواء كانوا يؤيدون النهج السياسي أو النهج المقاوم. تتجلى هذه الحالة من الانقسام في التسابق لإدانة الآخر، بدلاً من البحث عن نقاط الالتقاء. إن هذه الديناميكية تؤدي إلى تآكل أساس الوحدة الوطنية، مما يتيح للاحتلال الإسرائيلي استغلال الوضع لصالحه.
حان الوقت للفلسطينيين للتركيز على بناء استراتيجية متكاملة تجمع بين كافة الأبعاد. فالنهج السلمي له مقوماته الصحيحة، لكن لن يتحقق ما لم يكن مدعومًا بقوة الفعل والمقاومة. كما أن الأبعاد النفسية تلعب دورًا محوريًا في تعزيز هوية الشعب الفلسطيني وصموده أمام المحن. إن إيمانا راسخًا بحقوقهم يجعل الفلسطينيين أكثر قدرة على التصدي لمحاولات النيل من وجودهم وحقوقهم.
لا يمكن تجاهل أهمية التعاون والتكامل بين الاستراتيجيات المختلفة، حيث إن انتصار أحد على الآخر يؤدي إلى حالة من الركود والتراجع. يجب أن يسعى الفلسطينيون إلى تشكيل جبهة واحدة موحدة، يكون هدفها الأساسي تحقيق الحرية والعدالة. هكذا، يظهر الرأي الواحد، ورغم تعدد الآراء، إلا أن الهدف الوحيد هو تحقيق برنامج يجمع الطاقات والإمكانات نحو التحرير المنشود، ويضع حدًا لحالة الاستقطاب والانقسام.