صحيح أن استهداف الاحتلال يشمل كل الضفة الفلسطينية، بمدنها وقراها وأريافها وصحرائها ومحمياتها الطبيعية، إلا أن الاحتلال يركز على المخيمات الفلسطينية، ويدفع بأرتال جنده وحقده عليها، وهذا الاستهداف يأتي في ظل الحرب التي أعلنها على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، بالتساوق التام مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، وهذا يعني أن الاحتلال، بعد أن لقي كل الدعم والتأييد، سيعمل على الأرض من أجل إنهاء قضية اللاجئين بما تحمله من رمزية وعدالة وحق لا يمكن أن يسقط لا بالقوة العسكرية، ولا بوقف تمويل المؤسسة الدولية، ولا يمكن لأحد أن يسقط هذا الحق الإنساني الذي هو أساس القضية الفلسطينية وصلبها.
الحرب على المخيمات في شمال الضفة الفلسطينية، تأتي ضمن الحملة المسعورة التي يقوم الاحتلال بتنفيذها، وهو يتوعد باقي المخيمات الفلسطينية بحملات أشد وأوسع، وهي تأتي في ظل تصريحات ترامب التي أدلى بها حول تهجير الفلسطينيين، هذه الدعوة مثلت ضربًا لكل المبادئ والقوانين الدولية، ولكل الأسس التي تقوم عليها هيئة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية المنبثقة عنها، وهي تمادٍ أرعن غير مسبوق من أي من رؤساء الولايات الأمريكية، وهذه الدعوة التي اعتبرها نتنياهو وحكومته المتطرفة وأقطاب اليمين بأنها فرصة ثمينة، دفعتهم لكي يعلنوا الحرب على “الأونروا” ويغلقوا مكاتبها العاملة، وفي ذات الوقت يصعدون من عملياتهم في المخيمات على نحو آخذ بالتدهور إلى حد بعيد، فالقتل المتواصل والتهجير القسري والتخريب المتعمد في كل المرافق الحيوية والطرقات وشبكات المياة والكهرباء والصرف الصحي والإنترنت، وهذا كله يأتي ضمن خطط الاستهداف لقضية اللاجئين وقضية شعبنا الفلسطيني.
اقرأ أيضًا.. حملة جنين وهزيمة الكيان النفسية
إن الاحتلال يعمل على ضم وقضم وتهويد الضفة والقدس بشكل فعلي، وهو يوسع عملياته العسكرية، كما يوسع خطط المصادرة والضم من الأراضي لبناء وحدات استيطانية جديدة، وشق الطرق العنصرية الواصلة بين المستوطنات، وبسط نفوذه على كل المدن والقرى والمخيمات، والدفع بكل وحشية لتنفيذ خططته في ظل غياب صوت العدالة الدولية، وجنون الرئيس ترامب الذي حتى اليوم يوفر للاحتلال الغطاء السياسي والعسكري والاقتصادي، ويتساوق معه في فكرة شطب حقوق الشعب الفلسطيني، عبر أفكار التهجير والتطهير العرقي والإبادة الجماعية.
حرب مستعرة في المخيمات في شمال الضفة الفلسطينية، والناس يعيشون ظروفًا صعبة ومخيفة، في ظل تغول الاحتلال عليهم، وهم لا يجدون من يرفع عنهم هذا الظلم، وهذه العنجهية العنصرية.
إنها أيام ثِقال عِجاف يعيشها شعبنا في غزة وفي الضفة والقدس، بصبر وصلابة وعزيمة، عنوانها البقاء والصمود، رغم كل التحديات والأخطار ورغم اتساع رقعة المؤامرة.