السودان

الجوازات.. حرب جديدة في السودان

السودان اليوم في حالٍ أسوأ بكثيرٍ ممّا كان عليه في زمن “الإنقاذ” المزعوم، لستُ هنا لأبكي على عمر البشير ونظامه، فقد عارضتهُ من داخل السودان قبل أن يثور الشعبُ عليه قبل أن تنتصر ثورةٌ سمّيتهاُ بـ “المسروقة”.

ضجّت الساحة السودانية مؤخرًا بجدلٍ حارٍ حول اتهاماتٍ وجهها مواطنون سودانيون لوزارة الداخلية بمنع تجديد جوازات سفرهم لأسبابٍ عرقيةٍ وجهويةٍ ، وزعموا أن القرار شمل من ينحدرون من مناطق تُعتبر حاضنةً لقوات الدعم السريع، ممّا أثار موجةً من الغضب والاستياء بين أوساط واسعة، وفي خضمّ هذه الضجة، سارعت وزارة الخارجية السودانية إلى نفي تلك الاتهامات جملةً وتفصيلاً، مؤكدةً أن إجراءات استخراج الجوازات تتمّ بشكلٍ فرديٍّ وإلكترونيٍّ، ولا مجال لمعاملةٍ جماعيةٍ تستند إلى قبيلة طالب المعاملة.

كما شدّدت على أن جميع السودانيين، بكلّ قبائلهم ومكوناتهم الاجتماعية ، متساوون في حقوق المواطنة وواجباتها، ولكن، بدورها، نفت هيئة محامي دارفور تلك الادعاءات ، مُؤكّدةً تلقيها شكاوى من مواطنين سودانيين حرمتهم وزارة الداخلية من جوازات سفرهم بسبب انتمائهم العرقيّ والجهويّ، ونقلت الهيئة إفادةً للمواطن عثمان مختار محمدي، الذي أكّد منعه من تجديد جواز سفره بسبب انتمائه لإحدى القبائل الموصوفة بأنها تمثل حواضن لقوات الدعم السريع فتناولت هيئة محامي دارفور خطورة مثل هذه الممارسات، واعتبرتها انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان الأساسية، كالحقّ في التنقل والهوية.

وطالبت الهيئة السلطات السودانية بمراجعة فوريةٍ للقرار المتّهم، معلنةً عزمها على إبلاغ الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية في حال لم يتمّ ذلك، وفي خطوةٍ موازية، نفى مجلس السيادة الانتقالي صحة خطابٍ متداولٍ على نطاقٍ واسعٍ في وسائل التواصل الاجتماعي يتحدّث عن مراجعة الجنسية السودانية والرقم الوطني لعددٍ من القبائل في غرب السودان، وأكّد المجلس أنّ هذا الخطاب مفبركٌ وعارٍ من الصحة تمامًا ، وأنّ الهدف من ورائه هو زرع الفتنة وبثّ الكراهية بين المكونات الاجتماعية المختلفة في البلاد ، وبين نفيٍ وتأكيد، اتّخذت هذه القضية منحىً خطيرًا.

وباتت تُهدّد بتوتيرٍ عرقيٍّ وفتنةٍ قد تُمزّق النسيج الاجتماعيّ السودانيّ الهشّ أصلاً وإنّ السودان ، بعد ثورةٍ عظيمةٍ ناضلت من أجل الحرية والعدالة ، يقف اليوم أمام مفترق طرقٍ خطيرٍ، فهل ستُساهم هذه الاتهامات في إذكاء نار الحرب اللعينة التي عصفت بالبلاد لأكثر من عامٍ، أم ستُدفع الجميع نحو الحوار والتفاهم وحلّ الخلافات بعقلانيةٍ وحكمةٍ؟ وإنّ المسؤولية تقع على عاتق الجميع، حكومةً وشعبًا، لوقف هذه المهزلة قبل أن تصبح كارثةً لا تُحمد عاقبتها ، فلا ينبغي لأيّ كان أن يُفرّط بوحدة الوطن وسلامته، مهما كانت الخلافات أو الاختلافات، فقد حان الوقت لتغليب لغة الحوار على لغة العنف، وللتسامح بدلاً من الكراهية، وللتعاون بدلاً من التناحر، فلنعمل جميعًا من أجل سودانٍ موحّدٍ وعادلٍ، يسع الجميع فيه دون تمييزٍ أو ظلمٍ.

هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- غيبتني قسوة الأيام عن الكتابة لفترة، عدتُ غريباً إلى ساحة لم أعرفها، وجوه جديدة، وأصوات غريبة تُطلق أحكامًا مُجحفة، اتّهمتُ ظلماً بكوني “كوزاً” ينتمي لحزبٍ بائد، “فلول نظامٍ” سقط، كلّ ذنبي أنّني حزينٌ على وطني، على ما آلت إليه الأمور، أقولها بملء الفم : السودان اليوم في حالٍ أسوأ بكثيرٍ ممّا كان عليه في زمن “الإنقاذ” المزعوم، لستُ هنا لأبكي على عمر البشير ونظامه، فقد عارضتهُ من داخل السودان قبل أن يثور الشعبُ عليه قبل أن تنتصر ثورةٌ سمّيتهاُ بـ “المسروقة”، نعم ، أُمني بالنصر لقوات الشعب المسلحة في حربٍ لئيمةٍ طالت لأكثر من عام حربٌ قضت على الأخضر واليابس، حربٌ قتلتْ الآلاف وشردتْ الملايين، نابعُ إيماني بالنصر من يقيني أنّ هذا الجيش هو جيشُ السودان، وأنّه بعد هزيمة مليشيات “الدعم السريع” المتمردة وحلفائها من العصابات.

سيعودُ الجيشُ إلى ثكناته، ونحاسبُ حينها بالقانون كلّ مُقصرٍ من قادته، ذات مرة دافع عنّي أحدهم في إحدى مجموعات التواصل الاجتماعي، فقال أنّني من معارضي الأنظمة السابقة والحالية والمستقبلية أيضاً، مُستشهدًا بحدّة نقدي في كتاباتي، فقلتُ له: لستُ موظف علاقات عامة لأُجمّلَ أحدًا، هدفي الوحيد من كتاباتي هو بلدي، لا شيء سواه، وعلينا جميعًا أن نتكاتف، أن نُوحّدَ الصفوف، لوقفِ هذه الحربِ اللعينة، فقد حان الوقتُ لنتّحدَ من أجل السودان، من أجل مستقبلٍ أفضل لأجيالنا القادمة، والله العظيم ، أنا لستُ “كوزًا” ولا “معارضًا محترفًا”، أنا مواطنٌ حزينٌ على وطنه، مواطنٌ يُؤمنُ أنّ الأملَ ما زال موجودًا ، وأنّ السودان سينهضُ من جديدٍ شامخًا عزيزًا، شاء من شاء وأبى من أبى.. #اوقفوا – الحرب #Stop-The-War وعلى قول جدتي:- “دقي يا مزيكا !!”.

خروج:- عن “9 طويلة” البنانية، طريق رفيق الحريري الدولي ، ذلك الشريان الحيوي الذي يربط مطار بيروت بالعاصمة وباقي المناطق، بات مسرحاً للرعب والفلتان الأمني ، حيث تحولت إلى مأوى لعصابات السلب والسطو المسلح التي تُهدد حياة المسافرين والعابرين، وتُحصي التقارير الأمنية أكثر من ثلاثين عملية سلب ونهب على هذه الطريق منذ مطلع العام الحالي، ليصبح كل من يسلكها عرضةً للخطر، ولا يتردد أفراد هذه العصابات في استخدام القوة المفرطة، وحتى القتل في بعض الأحيان، لإرهاب ضحاياهم وسلب ممتلكاتهم، ويعود تفاقم هذه الظاهرة إلى تراجع الحضور الأمني على طريق المطار، حيث قلصت القوى الأمنية دورياتها بسبب الأزمة الاقتصادية، ويُتهم البعض “حزب الله” بالتغاضي عن هذه الجرائم، بل وتوفير ملاذ آمن للخارجين عن القانون داخل الضاحية الجنوبية، ما ساهم في ازديادها.

من جهة: ينفي مناصرو “حزب الله” هذه الاتهامات، مؤكدين أن الحزب هو من أكثر المتضررين من ظاهرة السلب والسطو المسلح ، وأنهم يقدمون التسهيلات اللازمة للأجهزة الأمنية لملاحقة الجناة ، ومن جهة أخرى: يرى البعض أن سيطرة “حزب الله” على الضاحية الجنوبية خلقت بيئة آمنة للجريمة، وأن عدم وجود سلطة الدولة الفعلية ساهم في تفشيها، وعلى الرغم من الاتهامات الموجهة لـ “حزب الله”، إلا أن هناك تعاوناً بين الأجهزة الأمنية والحزب من جهة، وبين الأجهزة والشرطة البلدية في الضاحية الجنوبية من جهة أخرى، لمكافحة هذه الظاهرة.

ويُشار إلى أن ظاهرة السلب والسطو المسلح ليست مقتصرة على طريق المطار أو الضاحية الجنوبية، بل تتفشى في أغلب المناطق اللبنانية، نتيجةً للأزمة الاقتصادية التي دفعت البعض إلى ارتكاب الجرائم، وأخيراً : تُلقي هذه الظاهرة بظلالها على صورة لبنان، وتُهدد استقراره وأمنه، ويتطلب حل هذه المشكلة تضافر جهود جميع الأطراف، من حكومة وأجهزة أمنية وأحزاب سياسية ومجتمع مدني، لخلق بيئة آمنة تُعيد الثقة للمواطنين وتُحافظ على سلامة الأرواح والممتلكات.. ولن أزيد،، والسلام ختام.

د. عثمان الوجيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى