التهديد النووي الإيراني الجديد
من الواضح أن كبار القادة الإيرانيين يريدون الاستفادة من البرنامج النووي كوسيلة للردع. حقيقة أن يسمح المرشد الأعلى خامنئي، وهو الشخص المسؤول عن تحديد الخطاب العام المقبول في إيران، بإصدار تصريحات قد تناقض عقيدة بلاده النووية أمر له دلالة. في الواقع يشير ذلك إلى أنه يجدها مفيدة لأسباب سياسية داخلية أو لأغراض السياسة الخارجية أو كليهما
في أبريل (نيسان) الماضي، كادت الحرب المشتعلة في الشرق الأوسط تتحول إلى صراع نووي عندما أطلقت طهران أكثر من 300 صاروخ وطائرة انتحارية مسيرة على إسرائيل، رداً على غارة شنتها تل أبيب على قنصليتها لدى سوريا. وكان هذا أول هجوم إيراني مباشر على إسرائيل مما دفع المفتشين الدوليين إلى الابتعاد من المنشآت النووية الإيرانية خوفاً من الرد الانتقامي. وبينما كان العالم ينتظر هدد القائد العسكري المسؤول عن حماية المواقع النووية الإيرانية علناً بأن طهران قد تعيد النظر في عقيدتها النووية إذا ما هاجمت إسرائيل هذه المواقع، وقد لمح هذا التصريح بصورة غير مباشرة إلى أن إيران قد تصنع أسلحة نووية رداً على ذلك.
وكثيراً ما استخدمت طهران التهديد بتوسيع برنامجها النووي من أجل تخفيف الضغوط الدولية. لكن بيان القائد العسكري يسلط الضوء على تطور جديد وخطر في استراتيجية إيران يتمثل في استخدام قدرة البلاد المتقدمة على بناء سلاح نووي كوسيلة للردع. وعلى رغم أن معظم الأدلة تشير إلى أن إيران لا تطور أسلحة نووية وأن المرشد الأعلى علي خامنئي أرجأ تصنيعها حتى الآن لأنه يرى أن الأخطار تفوق المكاسب، إلا أن إيران في الأعوام الأخيرة اكتسبت تدريجاً عدداً من القدرات الأساس اللازمة لبناء سلاح نووي، حتى أصبحت ما يسمى دولة على العتبة النووية [دولة على عتبة صناعة سلاح نووي]. وبوسع إيران الآن، في غضون أيام، أن تنتج ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب لصنع قنبلة نووية. ومن خلال تأكيد قدرتها على صنع القنابل والرد على استفزازات محددة من خلال التهديد باتخاذ الخطوات النهائية لبناء أسلحة نووية، تأمل طهران أن تتمكن من ردع العقوبات الدولية ومنع توجيه ضربة لبرنامجها النووي.
لكن هذه الاستراتيجية لا تخلو من الأخطار وطهران تدرك الكلف الأمنية المحتملة المترتبة على تطوير الأسلحة النووية. ومنع إيران من إنتاج القنبلة النووية لن يكون بالمهمة السهلة، والحد من قدرات طهران النووية سيكون أكثر صعوبة. لذا ينبغي على واشنطن أن تركز على إيران وتجعلها أولوية وأن تستخدم القوة الدبلوماسية والاقتصادية الأميركية لمنع كارثة أن تبقى بصورة دائمة دولة على حافة العتبة النووية، أو أن تتحول إلى دولة مسلحة نووياً.
ظهرت إحدى الدلائل المبكرة على أن إيران تسعى إلى استخدام قدرتها النووية كرادع خلال عام 2023، بعد أن وجهت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة تهديداً بإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي على طهران إذا خصبت اليورانيوم بنسبة تقارب الدرجة المطلوبة لتصنيع الأسلحة النووية أو نقلت الصواريخ إلى روسيا. ورداً على ذلك هددت طهران بالانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، مما يزيل الحاجز القانوني الأكبر بين إيران وتطوير قنبلة نووية وينهي المراقبة الدولية لبرنامجها النووي، وهذا يعني أن العالم لن يجد أية وسيلة لمعرفة ما إذا كانت إيران تعمل على تصنيع سلاح نووي أم لا. ويبدو أن هذه التهديدات كان لها التأثير المطلوب. فحتى الآن لم تخصب إيران اليورانيوم إلى نسبة 90 في المئة المستخدمة عادة في صنع الأسلحة، ولم تفرض أوروبا العقوبات مجدداً. ولكن من دون إيجاد حل للأزمة، فمن المرجح أن تعاود التهديدات الظهور.
وفي أعقاب أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب اللاحقة في غزة، صارت استراتيجية إيران المتمثلة في التحذير من أنها ستصنع قنبلة نووية أكثر وضوحاً وعلانية وصراحة. وطوال فترة الصراع شنت إيران هجمات مستمرة على إسرائيل والقوات الأميركية والشحن الدولي من خلال مجموعاتها الوكيلة في جميع أنحاء المنطقة. كذلك لعب برنامجها النووي دوراً محورياً في استراتيجيتها لإدارة الأزمات، مع اعتماد طهران مزيجاً من الإشارات الفنية والخطابات لتعزيز صدقية عتبة الردع النووية الخاصة بها وإدارة أخطار التصعيد. وتجدر الإشارة إلى أن قرار قادة إيران بعدم إبعاد البرنامج النووي عن دائرة الضوء [أي عدم إبقائه سرياً] هو علامة على أنهم ينظرون إلى اقترابهم من العتبة النووية باعتباره ميزة وليس عائقاً. فعلى سبيل المثال وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي أعادت إيران ضبط أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لديها إلى إعدادات أنتجت في أوائل عام 2023 كميات صغيرة من مادة مخصبة بـ84 في المئة، أي أقل بقليل من نسبة 90 في المئة اللازمة لصنع الأسلحة النووية. وكانت طهران تعلم أن المفتشين سيلاحظون هذا التغيير الذي حدث في ديسمبر ويبلغون عنه، وهو ما يشير بقوة إلى أن قادتها أرادوا إيصال رسالة مفادها أن إمكانية إنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة قد طرحت مجدداً على الطاولة.
وعلاوة على ذلك كثف المسؤولون الإيرانيون تعليقاتهم حول قدرة البلاد على بناء أسلحة نووية والظروف التي يمكن أن يفعلوا ذلك في ظلها. وفي يناير (كانون الثاني) أكد رئيس البرنامج النووي الإيراني [منظمة الطاقة الذرية الإيرانية] محمد إسلامي الموقف الإيراني القائم منذ فترة طويلة بأن أسلحة الدمار الشامل “لم تكن قط جزءاً من عقيدتها الأمنية والدفاعية”، لكنه أضاف أن الكمون النووي لدى إيران أي قدرتها الكامنة على بناء أسلحة نووية زودت البلاد بقدرة رادعة. وأعلن في مقابلة تلفزيونية أن “الأمر لا يتعلق بنقص القدرات”. وأضاف “أعتقد أننا حققنا مثل هذا الردع… وينبغي ألا نقلل من إنجازاتنا الحالية، معتقدين أننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد”. ثم عممت الحكومة الإيرانية بعد ذلك بيان محمد إسلامي على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي الشهر التالي استفاض سلفه علي أكبر صالحي وهو أحد المفاوضين الرئيسين في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 في النقطة التي تكلم عنها إسلامي. فعندما سئل عما إذا كانت إيران قادرة على تصنيع قنبلة نووية، أجاب صالحي بأن إيران تجاوزت “جميع العتبات النووية العلمية والتقنية”. وشبه ذلك بتصنيع السيارات: ما الذي يتطلبه صنع السيارة؟ أنت في حاجة إلى هيكل ومحرك وعجلة وعلبة تروس [ناقل حركة]… إذا كنت تسألني إذا كنا صنعنا علبة التروس والمحرك، فإن إجابتي هي نعم”.
بوسع إيران الآن، في غضون أيام، أن تنتج ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب لصنع قنبلة نووية
وكررت الصحف الإيرانية والبرلمانيون والعلماء النوويون وغيرهم من المسؤولين هذه الفكرة، فأشار كثر إلى أن إيران ربما تصنع قنبلة نووية. وإضافة إلى التهديدات التي أطلقها مسؤول عسكري كبير خلال الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل في أبريل، صرح كمال خرازي رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ومستشار المرشد الإيراني في أوائل مايو (أيار) بأنه “في حال تعرض إيران لتهديد وجودي فلن يكون هناك خيار سوى تغيير عقيدتنا العسكرية”. ثم كرر هذا التهديد بعد أيام. وكذلك أدلى نائب وزير الخارجية السابق عباس عراقجي بتصريحات مماثلة في نهاية الشهر نفسه. ورددت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة موقف وزارة الخارجية بأن العقيدة النووية الإيرانية لم تتغير، لكنها أضافت إليها تحذيراً. ففي أعقاب الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، هددت البعثة بأن إيران قد تنهي الآلية القانونية التي تتيح للمفتشين الدوليين الوصول إلى منشآتها النووية وتخفي عن العالم ما يجري في الداخل.
ومن الصعب معرفة ما إذا كانت هذه الرسائل المنسقة حول موقف إيران تأتي من أعلى إلى أسفل [أي من القيادات العليا] أم أنها ظاهرة من أسفل إلى أعلى. وفي ضوء قدرات طهران اليوم فهي لا تستطيع أن تنفذ على الفور تهديداتها ببناء أسلحة نووية. وعلى رغم قدرتها على إنتاج المادة اللازمة لصنع قنبلة بسرعة إلا أن بناء الجهاز يستغرق أشهر عدة. ومع ذلك، فمن الواضح أن كبار القادة يريدون الاستفادة من البرنامج النووي الإيراني كوسيلة للردع. وحقيقة أن المرشد الأعلى خامنئي الذي يحدد شروط الخطاب العام المقبول في إيران، يسمح بإصدار هذه التصريحات أمر له دلالة. وفي الواقع يشير ذلك إلى أنه يجدها مفيدة لأسباب سياسية داخلية أو لأغراض السياسة الخارجية أو كليهما.
ولكن هناك خطراً من أن يتحول الحديث المستمر عن قدرة إيران على بناء أسلحة نووية إلى نبوءة ذاتية التحقق [أي أن تصبح حقيقة واقعة بمجرد الإيمان بها]. وقد يرى المسؤولون الإيرانيون الذين يفضلون بناء ترسانة نووية أن هذا الخطاب بمثابة فرصة للضغط من أجل تصنيع قنبلة نووية أو الاقتراب من العتبة النووية. وربما يمكنهم تفسير صمت خامنئي على هذه التصريحات العامة على أنه علامة على دعمه الضمني. وقد يصبح هذا خطراً لأن دوائر صنع القرار في إيران أصبحت أضيق وأكثر تشدداً، مع تضاؤل عدد الأصوات المعتدلة التي تعارض الحجج المؤيدة لتطوير الأسلحة النووية. ومن الممكن أن يصبح أنصار التسلح النووي أكثر جرأة في الترويج لقضيتهم.
وبينما تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها البحث عن حل دبلوماسي للخطر النووي الإيراني، يتعين عليهم التعامل مع تهديدات طهران بفعالية ومنعها من تجاوز العتبة النووية. والواقع أن إحراز التقدم أمر ممكن، لأنه لكي تنجح الاستراتيجية الإيرانية القائمة على التحذيرات، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها أن يقتنعوا بأن إيران ستمتنع عن بناء أسلحة نووية إذا احترمت خطوطها الحمراء المحددة. ويبدو أن هذه الخطوط الحمراء تتمثل في إعادة إطلاق عقوبات الأمم المتحدة بموجب آلية “سناب باك”، أي إعادة فرض قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي رفعت كجزء من الاتفاق النووي عام 2015، أو توجيه ضربة عسكرية لبرنامج إيران النووي. ومع ذلك كلما زادت إيران من عرقلة المراقبة الدولية لبرنامجها، أصبح من الصعب ضمان احترام خطوطها الحمراء، وزاد احتمال توجيه ضربة عسكرية إلى برنامجها النووي بناء على افتراضات خاطئة.
إذا أرادت طهران تجنب هذه النتيجة فإن إتاحة إمكانية وصول أكبر إلى مواقعها النووية يمكن أن يساعد في توفير الطمأنينة اللازمة، وهي نقطة يجب على دول على غرار فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إبلاغ إيران بها بصورة حاسمة وتأكيدها. وعلى سبيل المثال يمكن لطهران أن تسمح للمفتشين بالوصول المنتظم إلى منشآت إنتاج أجهزة الطرد المركزي لديها، وتسمح باستخدام الكاميرات وغيرها من الأجهزة لمراقبة البرنامج النووي الإيراني مباشرة [في الوقت الفعلي] عندما لا يكون المفتشون حاضرين هناك. وبوسع الولايات المتحدة وحلفائها أيضاً أن يزيدوا الكلف الدبلوماسية المترتبة على خطاب إيران في شأن صنع القنبلة النووية. في الاجتماع الأخير الذي عقدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية نددت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بهذه التهديدات وبالتوسع النووي الإيراني المستمر والافتقار إلى الشفافية، ثم صاغت هذه الإدانات في صورة قرار رسمي. واستطراداً، ينبغي على واشنطن أن تعمل على إشراك مزيد من الدول بما في ذلك الصين وغيرها من الدول التي لها تأثير في طهران، من أجل إيصال هذه المخاوف وتأكيدها سراً وعلناً من خلال الإشارة إلى أن تباهي إيران بقدرتها على صنع القنبلة يتناقض مع ادعاءاتها بأن برنامجها سلمي بالكامل.
هناك خطر من أن يتحول الحديث المستمر عن قدرة إيران على بناء أسلحة نووية إلى نبوءة ذاتية التحقق
وحتى لو لم تتجاوز إسرائيل والولايات المتحدة وكذلك فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة الخطوط الحمراء الإيرانية، فقد تظل طهران ميالة إلى المضي قدماً نحو صنع قنبلة نووية. وقد تفعل ذلك من طريق تجميع مواد مخصبة بنسبة أقل بقليل من 90 في المئة من أجل تجنب إثارة رد فعل دولي، أو من طريق إجراء عمليات البحث والتطوير اللازمة سراً لتحويل تلك المواد إلى جهاز متفجر. ومن أجل منع هذه التصرفات، يجب على واشنطن وحلفائها ضمان اكتشاف مثل هذه الخطوات بسرعة وتأكيد أنها ستؤدي إلى عواقب بالنسبة إلى إيران، وأن تكون طهران على علم بذلك. ويتطلب هذا تعزيز القدرات الاستخباراتية ودعم التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووضع خطط منسقة للرد على الاستفزازات النووية الإيرانية بطريقة متناسبة. ولتعزيز هذه الاستراتيجية ينبغي على واشنطن النظر في الإفراج عن أية معلومات استخباراتية حول أية أنشطة نووية إيرانية حالية غير معلنة. إن الكشف عن مثل هذه الأنشطة في الماضي، على سبيل المثال، في ما يتعلق بأنشطة التخصيب السرية التي قامت بها إيران في عامي 2002 و2009 ساعد في حشد ضغوط دولية على إيران ووضعها في موقف دفاعي. ومن الممكن أن يؤدي هذا الكشف أيضاً إلى تقويض ثقة طهران في قدرتها على تصنيع قنبلة نووية سراً. وإضافة إلى ذلك يجب على الولايات المتحدة أن توضح لطهران أن تجاوز العتبة النووية سيؤدي إلى وجود عسكري أميركي أكبر في المنطقة وترتيبات أمنية أقوى بين واشنطن ودول الخليج، مما يحبط هدف إيران الطويل الأمد المتمثل في إخراج الولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط.
واستكمالاً، فإن التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تراجع كبير في البرنامج النووي الإيراني سيكون أكثر صعوبة. ومن المرجح أن يكون هدف طهران هو الحفاظ على مكانتها كدولة على العتبة النووية، والوقت يداهمها. والموعد النهائي الفعلي لإنهاء المحادثات النووية مع إيران هو أكتوبر 2025، وبعد هذا التاريخ لن يكون لدى الأطراف الأخرى في الاتفاق أي الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة، السلطة أو القدرة على إعادة فرض العقوبات الدولية بموجب الاتفاق المبرم 2015، وسيستبعد البرنامج النووي الإيراني من جدول أعمال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وبالنسبة إلى طهران يمثل هذا التاريخ لحظة محورية تسمح لها بتحقيق هدفيها الرئيسين المتمثلين في تفكيك نظام عقوبات الأمم المتحدة عليها والاحتفاظ بقدرتها على الوصول إلى العتبة النووية. وترغب الولايات المتحدة وحلفاؤها في تجنب حصول هذا السيناريو بالنظر إلى أن روسيا والصين ستستخدمان حق النقض ضد أية محاولات لفرض عقوبات جديدة من جانب الأمم المتحدة. وعلى رغم أن العقوبات الأحادية الجانب الأميركية والأوروبية ستظل قائمة، وأن روسيا والصين قد تقرران تجاهل العقوبات المفروضة وفق آلية “سناب باك”، إلا أن طهران تكره بشدة السمعة السلبية التي تصاحب الإدانة الدولية، وتدرك أنها لن تكون بمنأى عن الشبهات والتدقيق ما دام ملفها النووي موجوداً على جدول أعمال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وهذا يمهد الطريق أمام أزمة محتملة خلال عام 2025 تؤدي إلى اندلاع حرب أو إلى تسلح إيران نووياً، أو بقائها بصورة دائمة على حافة العتبة النووية. ولا يمكن العودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 نظراً إلى التقدم التكنولوجي الذي أحرزته إيران، فضلاً عن أن احتمالات التوصل إلى اتفاق جديد ضئيلة. ولكن نظراً للعواقب المحتملة في حال الفشل ينبغي على الولايات المتحدة ألا تستسلم. وفي سبيل زيادة فرص نجاحها يجب على واشنطن بالتعاون مع حلفائها أن تحدد في أقرب وقت ممكن المعايير المطلوبة للتوصل إلى اتفاق جديد، وإبلاغ إيران بها وإعلامها بأنها تفضل الحل الدبلوماسي. وفي الوقت ذاته يتعين على الولايات المتحدة وأوروبا التعامل بدقة مع مهمة إعادة بناء النفوذ من خلال زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي تدريجاً على إيران، حتى أكتوبر عام 2025 من دون إثارة تحركات نووية إيرانية قد تقضي على احتمالات التوصل إلى اتفاق دبلوماسي. ولن يكون ذلك سهلاً وسينطوي على الأخطار، ولكن من المؤكد أنه أفضل من البدائل الأخرى.