التصعيد الإسرائيلي تحت سقف الحرب الشاملة والرد الروسي قد يعقد حسابات نتنياهو وبايدن
مع اقتراب الحرب على غزة من إكمال عامها الأول، يرى نتنياهو أن تمسكه برفض وقف النار، كان مجدياً من الناحية السياسية. وبحسب الاستطلاع الأخير لصحيفة "معاريف" الأسبوع الماضي، فإن نتنياهو وحزبه الليكود يتقدمان على الوزير السابق في مجلس الحرب بيني غانتس وحزبه الوحدة الوطنية.
خفتت الجهود الديبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة، وارتفع في المقابل مستوى التصعيد على الجبهة الشمالية إلى حد دفع بإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إيفاد مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط آموس هوكشتاين إلى إسرائيل في مسعى جديد لوقف التدهور نحو حرب شاملة.
قرار التصعيد شمالاً اتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غداة إعلان البنتاغون سحب حاملة الطائرات الأميركية “تيودور روزفلت” من مياه الخليج إلى المحيط الهادئ. مهمة هذه الحاملة، إلى جانب الحاملة “دوايت أيزنهاور” وعشرات القطع البحرية، كان توجيه رسالة “ردع” لإيران و”حزب الله” وحماية إسرائيل من رد على اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية في طهران في 31 تموز (يوليو) الماضي والقائد العسكري لـ”حزب الله” فؤاد شكر في 30 منه.
قرأ نتنياهو سحب “تيودور روزفلت” على أنها رسالة ضغط أميركية كي يلين شروطه بالنسبة لوقف النار في غزة، قبل الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر). وعلى هذه الرسالة رد بتوجيه لكمة جديدة لبايدن، عندما أضاف شرطاً جديداً إلى شروط قبوله بهدنة في غزة، يتمثل في “تغيير الواقع على الحدود الشمالية”، بما يسمح بعودة مئة ألف من سكان المستوطنات القريبة من الحدود مع لبنان.
كذلك، يخدم التصعيد شمالاً “المواجهة” بين نتنياهو والمستوى العسكري. ذلك أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وقادة الجيش يلحون على رئيس الوزراء بأن المكاسب التي حققتها إسرائيل في غزة تسمح بالتوصل إلى هدنة وانجاز صفقة لتبادل الأسرى.
اقرأ ايضا| “تصفية المقاومة”.. مبررات إسرائيل للقضاء على مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية
وعلى هذا الرأي، يجيب نتنياهو بدعوة الجيش، الذي يصر على انجاز المهمة جنوباً، إلى فتح معركة الحدود الشمالية بمستوى أعلى من التصعيد لإعادة نازحي الشمال. وهو بذلك يتفادى الوقوع في فخ الجيش. لأن القبول بهدنة في غزة تعني قبول “حزب الله” بوقف “جبهة الإسناد” وتالياً استئناف جهود المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين سعياً إلى ترتيبات تعيد الهدوء إلى الحدود.
ومع اقتراب الحرب على غزة من إكمال عامها الأول، يرى نتنياهو أن تمسكه برفض وقف النار، كان مجدياً من الناحية السياسية. وبحسب الاستطلاع الأخير لصحيفة “معاريف” الأسبوع الماضي، فإن نتنياهو وحزبه الليكود يتقدمان على الوزير السابق في مجلس الحرب بيني غانتس وحزبه الوحدة الوطنية، في حال أجريت الانتخابات اليوم.
ها الصعود في شعبيته مرده إلى أسباب عدة، بينها تحديه لإدارة بايدن ومواصلة الحرب تحت شعار تحقيق “النصر الكامل”، إلى نجاحه في تحجيم تحرك أهالي الأسرى الإسرائيليين وتصوير احتجاجاتهم على أنها عائق أمام إحراز “النصر الكامل”، وتجاهل نداءات الجيش حول عدم الجدوى من مواصلة الحرب في غزة.
يتصرف نتنياهو من موقع المتفوق سياسياً في الداخل والمتحدي لمطالب بايدن بوقف النار في غزة. وهذا ما يضع مهمة هوكشتاين الجديدة على المحك. وأقصى ما يمكن أن يقدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي هو عدم نقل التصعيد إلى مستوى الحرب الشاملة.
لكن الحسابات الإسرائيلية قد تتغير في أي لحظة وفقاً للسياقات الإقليمية. وسبق وصول هوكشتاين سقوط صاروخ باليستي أطلقته حركة “أنصار الله” الحوثية قرب مطار بن غوريون بوسط إسرائيل، وذلك بعد شهرين من اصطدام مسيّرة حوثية بمبنى في تل أبيب.
على رغم أن إسرائيل تحارب على “الجبهات السبع”، لكنها لم تحسم حتى الآن أياً من هذه الجبهات المرشحة لمزيد من السخونة قبل الانتخابات الأميركية. وعين نتنياهو لا تتابع الاستطلاعات في داخل إسرائيل فحسب، وإنما الاستطلاعات المتعلقة بالمرشحين للانتخابات الأميركية كامالا هاريس ودونالد ترامب، ويضبط ساعة التصعيد على توقيت انتخابات شديدة التنافس.
ولا يغيب عن بال إسرائيل ما ورد في الصحافة الأميركية من احتمال تزويد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للحوثيين بتقنيات صاروخية وبتقديم مساعدة فنية نووية لإيران، كرد على إمكان سماح بايدن ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بقصف العمق الروسي بصواريخ أتاكامز” الأميركية و”ستورم شادو” البريطانية البعيدة المدى.
يبدو أن الجبهات مرشحة للاتساع قريباً.