الوضع الراهن في قطاع غزة، يتأزم يومًا بعد يوم، في ظل حالة التراخي من جانب المجتمع الدولي، الذي لا يزال عاجزًا عن ردع الاحتلال الإسرائيلي، ولا يمتلك القدرة على تنفيذ القرارات الصادرة من الهيئات الدولية، بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ما يضاعف من خطورة الأوضاع في غزة، ولا ينذر ببصيص أمل في إيجاد حل لوقف إطلاق النار، حتى بشكل مؤقت.
ومن المؤكد مأساة غزة، ستستمر لفترات لا أحد يعرف مداها، في ظل رغبة إسرائيل في الاستمرار في عمليات القصف، بحجة ملاحقة عناصر حركة حماس، من أجل تحرير الرهائن، خاصة بعد التصريح الذي أدلى به الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي هدد فيه منطقة الشرق الأوسط بعواقب وخيمة، إن لم يتم تحرير الرهائن من قبضة «حماس»، قبل تربعه على عرش البيت الأبيض رسميًا في يناير المُقبل، وقال نصًا «هناك جحيم يدفع ثمنه الشرق الأوسط».
ويبدو أن اللقاء الذي جمع «ترامب» مع «سارة» زوجة رئيس حكومة الاحتلال، كان له أثرًا بالغًا في تهديد ترامب المزمع للشرق الأوسط، خاصة بعد وصف زوجة نتنياهو أن اللقاء الذي تم في المنتجع الخاص بترامب في ولاية فلوريدا الأمريكية، كان «دافئًا وودودًا»، فمن الواضح أن الرئيس الأمريكي المنتخب، استجاب بشكل فوري مُريب لطلب زوجة نتنياهو بشأن الرهائن، ذلك الحدث الذي تسبب في اشتعال الشارع الإسرائيلي بالمظاهرات والاحتجاجات، ضد حكومة نتنياهو، الذي لجأ إلى زوجته للتأثير على «ترامب» لمحاولة إيجاد حل لتحرير الرهائن.
وتجاوزت الحرب على غزة أكثر من عام، ورغم ذلك فشلت كافة المفاوضات والمحاولات من مختلف الأطراف بوقف العدوان على غزة، وفي غضون وقت قصير تمكن حزب الله من التوصل لاتفاق بوقف إطلاق النار مع جيش الاحتلال، الأمر الذي أصاب سكان غزة ممن بقوا أحياء، بحالة من الإحباط، وفقدان الأمل في النجاة من جحيم الاحتلال، ومما لا شك فيه أن حركة حماس، تشاهد ما يحدث لأهالي غزة، وتواصل الإصرار على التمسك بحكم القطاع، رغم سيطرة جيش الاحتلال عليه بشكل شبه كامل.
اقرأ أيضا| دولة الفصل العنصري مسؤولة عن الإبادة الجماعية
ما يحدث في غزة، كان يتطلب موقف عربي موحد، منهم اتخاذ موقف عربي، ولكن ما حدث عكس ذلك، وتمكنت إسرائيل وأمريكا من تنفيذ مخطط التفرقة بين الدول العربية، التي ترتبط بالقوى المهيمنة وخاصة الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل.
تفكك الأنظمة العربية ليس وليد اللحظة، بل منذ عشرات السنين، وبالتالي لا يمكن الحديث عن موقف عربي موحد، وهو أحد الأسباب التي جعلت إسرائيل تستبيح الدماء الفلسطينية في غزة، بما لديها من قناعة بعدم وجود رد فعل عربي مناسب لجرائم الاحتلال.
وكان ينبغي على الأنظمة العربية، اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية ومؤثرة لدعم غزة، وإلغاء كل أشكال التطبيع مع إسرائيل، وطرد سفرائها من الدول التي طبعت معها، بالإضافة إلى استخدام ورقة النفط للضغط على تل أبيب والحلفاء الذين يدعمونها، ولكن لم يحدث ذلك.
الفشل الدولي في وقف العدوان على غزة، ينذر بعواقب وخيمة على سكان القطاع، خاصة وأن أكبر المنظمات والمحاكم الدولية، لم تتمكن في ردع إسرائيل، التي تمارس جرائمها بغطاء أمريكي، وبالتالي ستتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، خاصة مع حلول فصل الشتاء، وغرق مخيمات النازحين، وعدم توافر أبسط متطلبات المعيشة، وهو ما يؤكد أن القطاع لا يزال يواجه مصير مجهول، لا أحد يستطيع معرفة متى سينتهي.