تزداد حالة الاستقطاب، والانقسام السياسي داخل المجتمع الإسرائيلي، ولدى قيادات صنع القرار السياسي والأمني والعسكري الاسرائيلية، وهي تزداد حدة بعد انتهاء الجولة الأولى من تنفيذ خطوات صفقة التهدئة ووقف إطلاق النار، وبدء التفاوض ومقدماته بشأن الجولة الثانية من الاتفاق، هل تتم بكل ما لها وعليها أو تتوقف بكل ما تحمل من تبعات؟؟.
ينقسم المجتمع ومؤسسات صنع القرار لدى المستعمرة إلى فريقين ليس بالضرورة أن يكونا متعادلين، حيث لكل منهما قواعده وإنحيازاته ووجاهة دوافعه.
الفريق الأول يعمل ويضغط باتجاه استمرار وقف إطلاق النار، واستكمال خطوات اتفاق التهدئة، وإطلاق سراح ما تبقى من الأسرى الإسرائيليين، بعد نجاح خطوات المرحلة الأولى، وتنفيذ بنودها من قبل طرفي الصدام : 1-من المقاومة الفلسطينة،2- ومن قوات الاحتلال وجيش المستعمرة والأجهزة الأمنية، رغم الصعوبات، والمعيقات الاجرائية، ومحاولات العرقلة المقصودة أو الصدفية.
اقرأ أيضا.. هل يأخذ نتنياهو الضوء الأخضر الأمريكي لاستئناف الحرب؟
الفريق الثاني لا مصلحة له بوقف إطلاق النار لأسباب شخصية، او دوافع حزبية انتهازية، أو أيديولوجية عنصرية.
الفريق الأول يتمثل: بعائلات الأسرى الإسرائيليين الذين لم يُطلق سراحهم بعد، حيث أن الاتفاق تدريجي، متعدد الخطوات، وحرية الأسرى المتبادلة تتم على مراحل.
وهؤلاء يعبرون عن دوافعهم ومطلبهم عبر الاحتجاجات شبه اليومية، والتظاهرات المحسوسة التي تشكل حالة جذب معها ودعمها من قبل شرائح أخرى تضامنية تتمثل بعائلات الجنود الذين قتلوا خلال الأشهر الماضية، ولا يجدون أن ثمة مكاسب سياسية أو رادعة بحق «العدو الفلسطيني» قد تحققت بل مازال «العدو» متمكناً وحاضراً ، بدلالة امتلاكه قدرة الاحتفاظ بالأسرى، وقدرة التنظيم على اطلاق سراح الأسرى، وتوفر الامكانات اللوجستية في الاختفاء وتوفر السلاح والخدمات المرافقة.
كما يتضامن معهم ويشاركهم الاحتجاج عائلات آلاف الجنود والضباط الذين ما زالوا قيد الاحتياط
والتجنيد الملزم لما يقرب من العام والنصف دون أفق محدد.
ويرى هؤلاء أن استمرار الحرب سيؤدي الى مزيد من خسائر الأسرى الذين قُتل منهم أكتر من ثلاثين بسبب القصف الاسرائيلي المتعمد أو العشوائي، وأن لا سبيل لإطلاق سراح الإسرائيليين سوى بالاتفاق وتبادل الأسرى .
كما أن المؤسسة العسكرية والأمنية لا تجد أن لديها اهدافاً استراتيجية يمكن تحقيقها، والنيل منها في قطاع غزة، بعد الدمار والقصف لكل ما هو قائم على امتداد القطاع.
كما يرى القادة من العسكريين والأمنيين أن استمرار الحرب عبر الاجتياح سيعطي المقاومة الفلسطينية فرص الانقضاض والقنص للجنود والآليات بسبب الدمار والخراب وكميات التراكم المعيقة للتحركات الإسرائيلية، وبعكس ذلك تعطي الأولوية وحرية التحرك للفلسطينيين، ولذلك لا يُحبذون إعادة الاجتياح، ولو تم استئناف الحرب، سيقتصر فقط على عمليات القصف، غير المقيدة باستثناء المزيد من الدمار لبيوت المدنيين.
هذا التعارض بين خيارات طرفي الانقسام والخلاف، سيشكل إعاقات للتأخير ولكنه لن يُلغي الاستمرار نحو خيار وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.