ليبيا

الأعلام تحت الوطنية وعلم الدولة

معظم الأمازيغ يرون في رفع راية الأمازيغية من فبراير 2011 اعترافا ضمنيا بالحقوق المحرومين منها، وليست دعوة للانفصال كما يدعي البعض من الأمازيغ.

أثار مقال فتحي سالم أبو زخار «الأمازيغ في الشأن الحكومي»* مسألة حساسة تتعلق برفع العلم الأمازيغي على معبر رأس اجدير الحدودي بين ليبيا وتونس في سياق «محاولات وزير الداخلية المكلف اللواء/ عماد مصطفى الطرابلسي السيطرة على معبر رأس اجدير»، الذي يديره أفراد من الجمارك من مدينة زوارة الأمازيغية.

ومن بين جميع النقاط التي أثارها أبو زخار سأركز على هذه النقطة تحديدا، ثم أنتقل إلى مسألة الأعلام تحت الوطنية (كي لا أقول: اللاوطنية) التي ترفعها بعض الإثنيات والأقاليم في ليبيا.

يربط أبو زخار محاولات وزارة الداخلية للسيطرة على المعبر المعني ليس بوقف التهريب، وإنما بالحساسية من العلم الأمازيغي المرفوع على هذا المعبر. وأنا أقول إن هذا السبب مبرر كاف للقيام بمحاولات السيطرة هذه، لأن هذا المعبر تابع للدولة الليبية (أيا كان رأينا في هشاشتها وضعفها)، ولا ينبغي أن يرفع عليه سوى علم الدولة المعتمد. رفعُ أي علم غيره يمثل تعديا على سلطة الدولة وخرقا لقوانينها، ويعبر -فعلا- عن نزعة انفصالية، سواء كان هذا العلم يرمز لإثنية أو ميليشيا مسلحة. وفي هذه الحالة، يحق للدولة استعادة المعبر وبسط سيطرتها عليه.

في المسألة النظرية، إذا استمر الحال على هذا المنوال، فسيكون لدينا، على مستوى الإثنيات، إلى جانب علم الأمازيغ، أعلام للعرب والطوارق والتبو، ثم للشركس وذوي الأصول التركية وذوي الأصول الأفريقية غير محددي الأصول. وعلى مستوى الأقاليم، ستكون لدينا ثلاثة أعلام لطرابلس وفزان وبرقة، وقد تكون لنا أعلام تعبر عن مدن بعينها، وتكون فوضى الأعلام هذه مجالا خصبا لنمو نزعات تعصبية وانفصالية.

يقول أبو زخار: «معظم الأمازيغ يرون في رفع راية الأمازيغية من فبراير 2011 اعترافا ضمنيا بالحقوق المحرومين منها، وليست دعوة للانفصال كما يدعي البعض من الأمازيغ». إذن هناك من بين الأمازيغ أنفسهم، مهما كانوا أقلية، من يرى «في رفع الراية الأمازيغية» دعوة للانفصال، وليس «اعترافا ضمنيا بالحقوق المحرومين منها».

أنا أؤيد منح الإثنيات حقوقها اللغوية والثقافية المعبرة عن هوياتها، بل أدعو إلى ذلك، بيد أني لا أرى في رفع الأعلام، بالذات على مؤسسات الدولة، داخلا في الحقوق الثقافية. ويحاجج أبو زخار بأنه «في المقابل لا نسمع رفضا لرفع الراية البرقاوية التي نجد أن البعض ممن يرفعها يجاهر بالانفصال!»، وأنا أقول له نعم، فـ«الراية البرقاوية» تعبر عن نزعة انفصالية صريحة.

وبالمحصلة، فإن رفع أي علم أو راية «تحت وطنية» هو إجراء يضمر، أو يعلن، نزعة انفصالية معادية للوطنية. العلم الوحيد الذي ينبغي أن يرفع في أي مكان هو علم الدولة بسلطتها القائمة مهما كان رأينا فيها.

عمر أبو القاسم الككلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى