غزة

اغتيال الصحفيين في غزة.. وازدواجية معايير الصحافة الغربية

قد تكون إسرائيل استخدمت نفوذها ونقودها في الغرب لتوجيه والسيطرة على روايات الأخبار الغربية حول الحرب

أدت الحرب الإسرائيلية البشعة على قطاع غزة إلى مقتل عدد من الصحفيين، والذين قدر عددهم بالأكبر من أي صراع آخر في الذاكرة الحديثة، ورغم سقوط ناقلي الأحداث والشاهدين على جرم إسرائيل أمام أعين العالم أجمعه، إلا أن الصحافة ووسائل الغربية نجحت في ممارسة سياسية التعتيم الكبير على قتل الصحفيين رغم أن الحرب تكشف عن مآساة كبيرة.

يبدو أن وسائل الإعلام الغربية تتعامل بازدواجية المعايير بشأن الحرب على غزة وخاصة قتل الصحفيين الفلسطينين بنيران إسرائيل، ورغم توافر المعلومات وتأكيدها بأن الاحتلال قصد استهداف حاملي الكاميرات والشاهدين على المجازر اليومية التي ارتكبها على أرض غزة، إلا أن إعلام الغرب صمت عما يجري، فلماذ لم يمارس تضامنا يجب أن يكون على نطاق أوسع في حضم هذه المأساة التي هزت الإنسانية.

ما بين مشهد تشييع جثمان الصحفي في قناة “الجزيرة” إسماعيل الغول، الذي قُتل مع مصوره رامي الرفاعي في غارة إسرائيلية أثناء تغطيتهما لمخيم الشاطئ للاجئين في غزة، في يوليو 2024، ومشهد مراسل الجزيرة يقاطعه صاروخ أو قذيقة إسرائيلية وسط القطاع، ومشهد

اغتالت الصحافة الغربية أيضا شهداء الصحافة في فلسطين كما اغتالهم إسرائيل بدم بارد، ومشهد بكاء وائل الدحدوح على فقدان أسرته، ومشهد رحيل معتز عزايزة لوطنه، بكى الجميع وسجلت الصحافة العربية أقوى البطولات لأصحاب الكاميرات وناقلي الحرب، لكن وقف الإعلام الغربي بعيدا مواصلا سياسته التي تحابي إسرائيل وتدافع عن جرمها التاريخي في حق الشعب الفلسطيني المظلوم.

وبلغة الأرقام، ارتفع عدد استهداف الصحفيين في غزة على يد إسرائيل إلى 113 صحافياً على الأقل، وكأن إسرائيل تريد إبادة الحقيقة أو ناقليها كما تبيد الشعب الفلسطيني، لكن وواقعيا لم يسجل التاريخ الحديث مثل هذه المجزرة ضد الصحافيين بهذا العدد الكبير في أي دولة في العالم.

التاريخ أيضا يقول أن لديها مشوار طويل في استهداف الصحفيين بعنف، وهذا يعني أن هذا العدد الذي نتحدث عنه ليس مفاجئًا بل هو منهج إسرائيلي متبع لقتل الحق والحقيقة، وهنا يأتي دور الإعلام الغربي وخاصة إعلام الولايات المتحدة الأمريكية- التي تعرف بأنها إحدى قلاع حرية الرأي والتعبير- ليناصر إسرائيل ويدافع عنها باستماتة على حساب الشعب الفلسطيني.

وبالعودة للوراء وتحديدا في أعوام 2018 و2019 و2020، كشفت لجنة تابعة للأمم المتحدة أن إسرائيل أطلقت النار عمداً على اثنين من الصحفيين الفلسطينيين في عام 2018، مما أدى إلى مقتلهما، وفي ستة 2022، استهدفت أيضا الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة في الضفة الغربية وقتلتها، ورغم ذلك تتبرأ من جرائمها رغم أن كل الأدلة المصورة كانت ضدها.. فكيف يصمت الإعلام الغربي أو حتى الصحافيين في الغرب عن قتل زملائهم في الشرق الأوسط دوم رحمة!

وإذا افترضنا أن الغرب غير منفصل عن التفاعل مع الأزمة الإنسانية في غزة، إلا أن التعاطف وحده في لا يكفي وخاصة إن كان من جانب منظمات المراقبة مثل لجنة حماية الصحفيين.

التضامن الصحفي الغربي أيضا مطلوب ومهم في هذا الظرف التاريخي الصعب للشعب الفلسطيني والأحداث الملتهبة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، فمن المهم أن توظف حرية الصحافة في التعبير عن واخدة من أقسى مآسي التاريخ الحديث في غزة.

وإذا تخلينا، اغتبال الصحفيين في الغرب أو في أوكرانيا على يد روسيا، فهل تسكت الصحافة الغربية عن التنيديد والتصعيد ضد بوتن ورفاقه؟ وهل تتجاهل التغطية الإعلامية هذه الأحداث؟.. خاصة وأنها لم تفعل ذلك أبدا تجاه صحفيي غزة، وشرعت في إعطاء إسرائيل فرصة الشك، كما صورت عمليات القتل على أنها إصابات غير مقصودة، ناهيك عن الاعتماد على المصادر المؤيدة لإسرائيل!

إن ما يحدث ليس إلا تهديدًا مباشرًا للحق في حرية التعبير، وقد تكون إسرائيل استخدمت نفوذها ونقودها في الغرب لتوجيه والسيطرة على روايات الأخبار الغربية حول الحرب، لكن في النهاية.. دعنا نتساءل متى تنصف الصحافة الغربية شعب غزة أو حتى صحفيي الميدان؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى