لبنان

اشتعال حرب لبنان.. و«ريموت كنترول» إيران

ما تفعله إيران بتحريض ودعم حزب الله، لتوسيع نطاق الهجوم على إسرائيل، أمرًا خطيرًا قد يؤدي إلى دمار لبنان، الغارق في الأزمات.

في مقالي السابق عن الأحداث الملتهبة في جنوب لبنان، أشرت إلى أن المشهد المتأزم ينذر بتصاعد حدة الصراع بين حزب الله وإسرائيل، التي توجه ضربات على كافة الاتجاهات، دون النظر إلى العواقب الخيمة، التي قد تلحق بالشرق الأوسط، جراء ما يفعله جيش الاحتلال.

بالفعل، اشتعل الصراع بين حزب الله، الذي يفرض سطوته على لبنان الجريح، الذي يعاني من الفراغ السياسي منذ فترات طويلة، بسبب الصراعات الداخلية وعدم التوافق بين المسؤولين في لبنان، الأمر الذي جعل سلطة القرار في قبضة أنصار حسن نصر الله.

ورغم خسائر جيش الاحتلال في الحرب على غزة، وعدم تحقيق الهدف منها وهو القضاء على حركة حماس، إلى أن حكومة نتنياهو لديها رغبة في تصاعد حدة الصراع في المنطقة، بعد اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر، ومن بعده اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الأمر الذي جعل الشرق الأوسط على صفيح ساخن، وقد يبدو أن الحرب العالمية الثالثة تلوح في الأفق.

ويخشى الغرب بعد اغتيال القائد الكبير في حزب الله فؤاد شكر في بيروت، من أن يلعب حزب الله، المدعوم من إيران، دورًا رئيسيًا في أي انتقام من هذا القبيل، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى رد فعل إسرائيلي جدي.

وتظهر الولايات المتحدة والدول الغربية، أنها تبذل جهودًا كبيرة على المستوى الدبلوماسي، لكن في الحقيقة فإن الفشل في وقف الحرب في غزة خير دليل على أن الفشل سيتكرر في حال نشوب حرب على جبهة لبنان. لذلك اكتفت أمريكا وبعض الدول بتعليق بضعة رحلات جوية وتحذير رعاياها وحثهم على السفر فورا

إن المخاوف من تصعيد الأعمال العدائية التي يمكن أن تجتاح لبنان بلغت ذروتها منذ كثف حزب الله هجماته على إسرائيل، بعد يوم واحد من هجمات حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، دعمًا للفلسطينيين في غزة.

وتوعد حزب الله بالرد على اغتيال «شكر»، الذي حدث في معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت. وجاء ذلك بعد مقتل 12 طفلاً ومراهقًا في غارة جوية على مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، والتي ألقت إسرائيل باللوم فيها على حزب الله. وقالت إسرائيل إن شكر كان وراء ذلك.

وتهدف الولايات المتحدة في المقام الأول، إلى حماية إسرائيل، لذلك دفع البنتاجون بسفن حربية وطائرات مقاتلة إضافية في المنطقة، للمساعدة في الدفاع عن تل أبيب، من الهجمات المحتملة من قبل إيران ووكلائها، وهي استراتيجية مماثلة لتلك التي تم تبنيها في أبريل، عندما أطلقت إيران أكثر من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار على إسرائيل في عام 2018. ردا على الهجوم على مجمعها الدبلوماسي في سوريا. وألقت باللوم على إسرائيل في تلك الضربة.

ويخشى الكثيرون أن يتخذ انتقام إيران في هذه المناسبة شكلاً مماثلاً. وهو ما دفع المملكة المتحدة للقول بأنها سترسل المزيد من الأفراد العسكريين والموظفين القنصليين ومسؤولي قوات الحدود للمساعدة في أي عمليات إجلاء. وحثت مواطنيها على مغادرة لبنان أثناء تشغيل الرحلات الجوية التجارية.

وتزامنًا مع مقتل إسماعيل هنية حركت بريطانيا سفينتين عسكريين، كما وضعت القوات الملكية الجوية طائرات هيليكوبتر للنقل في حالة تأهب وبدورها قامت الولايات المتحدة الأمنية بإرسال تعزيزات دفاعية، تحسبًا لأي احتمال هحوم إيراني محتمل والغاية كما هو معروف هو حماية إسرائيل وردع إيران، وتحذيرها من شن هجوم وتهديدها بالرد في حال لزم ذلك.

أقرا أيضا| الصواريخ والعامل الإيراني: وظيفة الرد “العقابي”

ومنذ اغتيال إسماعيل هنية، في قلب الأراضي الإيرانية، خرجت طهران بتصريحات «عنترية»، تؤكد من خلالها بأنها ستستخدم بلا شك حقها الأصيل والمشروع في معاقبة إسرائيل. أيضا توعد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إسرائيل بأنها ستواجه «عقوبة قاسية»، بسبب اغتيال «هنية».

اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، كان بمثابة ضربة للمفاوضات من أجل وقف إطلاق النار، واتفاق إطلاق سراح الرهائن في غزة، وهو الأمل الرئيسي لنزع فتيل التوتر على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

ومن خلال استقراء المشهد تبدو إيران شبيهة بمن يمسك في يده جهاز التحكم، الذي تحرك من خلاله أذرعها في المنطقة، وتقدم لهم الدعم المادي واللوجستي، دون أن تدخل في معركة مباشرة مع دولة الاحتلال، أو تقحم نفسها في حرب، قد تلحق بها دمارًا يقضي على عليها كدولة تسعى لأن تكون ذات ثقل سياسي وعسكري يقدره العالم.

ما تفعله إيران بتحريض ودعم حزب الله، لتوسيع نطاق الهجوم على إسرائيل، أمرًا خطيرًا قد يؤدي إلى دمار لبنان، الغارق في الأزمات. فإذا رغبت إيران في الانتقام من إسرائيل، فلتفعل وتفاجئنا بضربة قوية تقسم ظهر دولة الاحتلال، ولكن الاكتفاء بالتصريحات الهوجاء، يعكس ضعف إيران، وخوفها من الخراب والدمار، حال اقترابها من إسرائيل، ويبقى لبنان الجريح يصارع الأمواج العاتية، التي قد تغرقه في بحر الظلمات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى