سوريا

اتفاقية أضنة بين سوريا وتركيا.. ما عمق العمليات المسموح به؟

جعلت تركيا من اتفاقية أضنة شمَاعة يرددها الرئيس التركي رجب أردوغان ويقول من حين لآخر “وفقاً لاتفاق أضنة الموقع عام 1998 من حق تركيا دخول الأراضي السورية”.. ويردد أردوغان تلك الكلمات، منذ إعلانه عن إقامة ما أسماها المنطقة الآمنة في سوريا.

ومع تطور العمليات العسكرية وتوغل القوات التركية في الداخل السوري وخرقها لاتفاقية أضنة ، بدا من الضروري الإجابة على تساؤلات عدة تشغل بال الرأي العام، مفاداها: ما هو اتفاق أضنة، وهل التواجد التركي في سوريا هو أمر مشروع، ولماذا لم تنسحب الحكومة السورية منه إلى الآن؟..

ما هو اتفاق أضنة؟

في نهاية التسعينات، زاد التوتر بين أنقرة ودمشق، وحشدت تركيا قواتها على الحدود السورية، وهددت بشن عملية عسكرية في تشرين الأول من عام 1998.

تدخلت مصر وإيران لوقف التصعيد، ووصلت جهود الوساطة إلى توقيع اتفاق أضنة (نسبة إلى ولاية أضنة جنوبي تركيا التي تم التوقيع فيها)، في 20 تشرين الأول عام 1998.

ماذا عن بنود اتفاقية أضنة؟

ظل الاتفاق سرياً لمدة طويلة، حتى تم تسريب بنوده إلى وسائل الإعلام، والتي نصت باختصار على مبدأ المعاملة بالمثل، وألا تسمح كل من سوريا وتركيا بأي نشاط ينطلق من أراضيها بهدف الإضرار بأمن واستقرار الطرف الآخر.

وبسبب الوضع الأمني في سوريا والتي تعتبر تركيا جزءً أساسياً من وجوده فبحسب اتفاق أضنة يحق لأنقرة اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية حتى عمق 5 كم فقط.

لماذا لم تنسحب سوريا من اتفاق أضنة رغم عدم وفاء أنقرة بالتزاماتها.. وماذا يعني الانسحاب؟

إن سوريا ومن منطلق الإدراك المسؤول بأن أمن كل دولة هو من أمن جيرانها، ومن واقع التزامها بمبادئ القانون الدولي وحفظ سيادة الدول، ومحاربة الإرهاب الذي تعتبر أكثر دول العالم تضرراً منه، ومن منطلق حرصها على مصداقيتها في الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات، لم تنسحب من اتفاق أضنة، لاسيما أن تمسك سوريا به يسحب الذرائع التركية حول تغطية أطماعها التوسعية بغطاء الحفاظ على أمنها القومي”.

وتؤكد سوريا أنه بمجرد أن تتم هزيمة التنظيمات الإرهابية التي تحتل بدعم وموافقة تركيا قسماً كبيراً من خط الحدود إضافة لبعض المعابر الحدودية، ستثبت سوريا التزامها بالترتيبات الثنائية لضمان الأمن على جانبي الحدود، والذي كان أردوغان هو المسؤول الأول والوحيد عن انتهاكها، وسوريا تتمتع بكامل المصداقية في ذلك تأسيساً على حقيقة ضمانها لأمن الحدود منذ اتفاق أضنة عام 1998، وحتى عام 2011، تاريخ قيام أردوغان باستباحة الحدود عبر دعم التنظيمات الإرهابية”.

ويجب الإشارة إلى أن بنود اتفاق أضنة تشير إلى قيام القوات التركية باتخاذ الإجراءات اللازمة ضمن مسافة ٥ كم فقط، في حال لم يتمكن الجانب السوري في الإيفاء بالتزاماته بموجب تفاهم أضنة، بمعنى أنه مهما كان سبب الفشل في الوفاء بالالتزام بما في ذلك غياب السيطرة على المنطقة، فإن عمق العمليات المسموح به ليس أكثر من ٥ كم”.

وأهم نقطة تتعلق بالتنفيذ الصحيح لاتفاق أضنة هي ما أشار إليه نص الاتفاق حول مبدأ المعاملة بالمثل، فالاتفاق ينص على مبدأ المعاملة بالمثل، وألا تسمح كل من سوريا وتركيا بأي نشاط ينطلق من أراضيها بهدف الإضرار بأمن واستقرار الطرف الآخر.

اتفاق أضنة شأنه شأن جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ليس ترتيباً أمنياً من جانب واحد، وإلا فإنه ينتهك المبادئ التأسيسية لميثاق الأمم المتحدة بما فيها مبدأ السيادة المتساوية (equal sovereignty)  والذي يعني بأن تكون كل دولة متساوية من ناحية التمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات مع الدول الأخرى”.

والحقيقة الدامغة التي لا تقبل مجالاً للشك هي أن تركيا من انتهكت اتفاقية أضنة بكل أشكال الانتهاك الممكنة بانتهاكها مبدأ المعاملة بالمثل، وذلك عبر إدخالها لعشرات الآلاف من الإرهابيين وتمرير كل أشكال الدعم العسكري واللوجستي لهم، بما في ذلك السلاح الذي تصنعه تركيا لهذه المجموعات الارهابية العاملة داخل الأراضي السورية، ورغم ذلك فسوريا، ومن منطلق حرصها على استعادة منظومة الأمن الإقليمي، وإيمانها بمعايير الأمن الجماعي ورفضها للإرهاب، تتمسك باتفاقية أضنة على أساس مبدأ المعاملة بالمثل، إذا عادت أي حكومة تركية حالية أو مستقبلية للالتزام به.

ما موقف سوريا؟

أكدت سوريا، أنها ستواجه تعديات القوات التركية بمختلف أشكالها في أية بقعة من البقاع السورية وبكل الوسائل والسبل المشروعة، وتشدد أن قافلة مكافحة الإرهاب في سوريا تسير ولن توقفها التوغلات التركية، وحماية الشعب السوري هي مهمة الجيش العربي السوري والدولة السورية فقط”.

وفي وقت سابق أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً، قالت فيه إن تركيا تتحمل المسؤولية عن بعض الانتهاكات وجرائم الحرب المحتملة المرتكبة في سوريا، معظمها في شمال سوريا.

وقالت المنظمة، إن الانتهاكات ارتكبتها القوات التركية وكذلك الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا.

ولم يصدر رد فوري من تركيا بشأن الاتهامات التي جاءت في تقرير جديد من هيومن رايتس ووتش يقع في 74 صفحة.

وقال التقرير إن تركيا، باعتبارها “قوة احتلال في شمال سوريا”، تتحمل مسؤولية استعادة النظام العام والسلامة وحماية السكان ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

ومنذ عام 2016، شنت تركيا ثلاث عمليات عسكرية واسعة داخل سوريا وأدت التوغلات التركية والقتال الذي تلاها إلى نزوح مئات الآلاف من الشعب السوري، وقال بعض الذين بقوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم عانوا من انتهاكات على يد القوات التركية وتحالف من مقاتلي المعارضة الذين سلحتهم وتمولهم أنقرة.

داما بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى