تعاني غزة من تحديات اقتصادية هائلة نتيجة الحروب المتكررة وحاصة تلحرب الاخيرة التي دمرت البنية التحتية، وأضعفت القطاعات الإنتاجية، ورفعت معدلات البطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
في ظل هذه الظروف، يصبح إعادة بناء الاقتصاد ضرورة ملحّة تتطلب تدخلات عاجلة واستراتيجيات طويلة الأمد لضمان التعافي والاستدامة.
إن رفع القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير أمر أساسي لإعادة تشغيل عجلة الاقتصاد.
فتح المعابر بشكل دائم يسمح بتدفق السلع الأساسية، وعودة النشاط الصناعي والتجاري، وتوفير المواد اللازمة لإعادة الإعمار، مما يساهم في خلق فرص عمل وتقليل التضخم.
اقرأ أيضا.. الغزيون و تذكرة السفر نحو المجهول
يجب تقديم حزم دعم مالي مباشر لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد المحلي.
يشمل ذلك منحًا وقروضًا ميسّرة لإعادة تشغيل الأنشطة الاقتصادية، خصوصًا في قطاعات التجارة والخدمات والصناعات الحرفية.
إن إعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات هي خطوة محورية لتمكين القطاعات الاقتصادية من استئناف نشاطها.
كما أن توفير حلول طاقة بديلة مثل الطاقة الشمسية يمكن أن يساهم في تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المستقرة.
يُعتبر قطاعا الزراعة والصيد من أهم مصادر الدخل في غزة، لكنهما تعرضا لخسائر فادحة.
لذلك، يجب توفير دعم فوري عبر تعويض المزارعين والصيادين عن الأضرار، وتزويدهم بالبذور والمعدات والقوارب، مع تسهيل تصدير المنتجات الزراعية والسمكية إلى الأسواق الخارجية.
يمكن إطلاق مشاريع تشغيل مؤقتة، بالتعاون مع المنظمات الدولية، لتوظيف آلاف العمال في أعمال إعادة الإعمار، وصيانة المرافق العامة، ومشاريع البنية التحتية. هذه المبادرات ستساهم في توفير دخل للأسر المحتاجة، وتخفيف حدة الفقر، وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
إن دعم الصناعات المحلية، خصوصًا الصناعات التحويلية والمنتجات التكنولوجية، يمكن أن يخلق فرص عمل جديدة، ويقلل من الاعتماد على الاستيراد، ويعزز الاستقلال الاقتصادي للقطاع.
تحتاج غزة إلى مناخ استثماري جاذب، يتطلب إصلاحات قانونية، وضمانات استثمارية، وتوفير بيئة آمنة لأصحاب رؤوس الأموال.
كما أن تعزيز الشراكات مع الدول والمنظمات الإقليمية يمكن أن يساهم في تنويع مصادر التمويل وتعزيز المشاريع التنموية الكبرى.
الاستثمار في قطاع التكنولوجيا وتطوير البنية التحتية الرقمية يمكن أن يفتح فرصًا جديدة للشباب الفلسطيني في مجالات مثل البرمجة، والتجارة الإلكترونية، والخدمات الرقمية، مما يتيح لهم التنافس في الأسواق الإقليمية والدولية.
من الضروري العمل على ربط اقتصاد غزة بالأسواق الخارجية، سواء من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الضفة الغربية أو إقامة شراكات تجارية مع الدول المجاورة، مما يفتح المجال أمام صادرات غزة للوصول إلى أسواق جديدة.
يجب تطوير سياسات مالية واقتصادية تدعم القطاع الخاص، وتحفّز ريادة الأعمال، وتشجع القطاعات الإنتاجية. كما أن تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة في إدارة الموارد الاقتصادية سيساعد في جذب الاستثمارات وتعزيز الثقة بالاقتصاد المحلي.
إن إعادة بناء اقتصاد غزة بعد الحرب تتطلب جهودًا تكاملية تشمل التدخلات العاجلة لإعادة إنعاش الاقتصاد، إلى جانب استراتيجيات مستدامة تضمن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.
يتحقق ذلك من خلال التعاون الوثيق بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، لضمان بيئة اقتصادية مرنة وقادرة على الصمود أمام التحديات المستقبلية.