دولة الإحتلال

إسرائيل واليوم التالي

رصيد التعاطف العالمي مع إسرائيل إزاء ما حدث في السابع من أكتوبر قارب على النفاد

منذ مطلع الحرب بدأت مراكز الأبحاث ومعها الصحف الإسرائيلية ومن سار في ركبها من صحف أميركية وأوروبية، بمناقشة اليوم التالي للحرب على قطاع غزّة بطريقة تبدو للقارئ أن الأمور محسومة عسكريا وسياسيا وليس هناك وجود فعلي لطرف فلسطيني مقاوم مقابل للطرف الإسرائيلي المتطرف وصاحب الكف العليا عسكريا وسياسيا.

كانت تلك المناقشات ولا تزال تركز على طريقة إدارة قطاع غزّة بآلية تحافظ على الانقسام، بعدم قبول حماسستان ولا فتحستان حسب تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ولكن بعد دخول حرب الإبادة الجماعية شهرها الثامن، لم تحقق إسرائيل أيا من أهدافها المعلنة، فلم تتمكن من القضاء على حماس، وبالمناسبة هو تعبير فضفاض يكمن خلفه الهدف الصهيوني الأوّل بتهجير الفلسطينيين، ولم تحرر الأسرى من خلال المجازر اليومية ولا عبر القنوات الدبلوماسية، ولم تستعد قوة الردع التي خسرتها في بداية الحرب، ومما زاد الطين الإسرائيلي بلّة هو أسر المزيد من الجنود الإسرائيليين في إحدى العمليات الشجاعة للمقاومة، أضف إلى ذلك قيام المقاومة الفلسطينية بقصف تل أبيب. من الواضح أن القيادة الإسرائيلية الحالية ترفض حتى الحلول الوسط، وتسعى للتطرف والغلو في كل المناحي، الأمر الذي يضعها بالمزيد من الحرج أمام المجتمع الدولي ويفقد بريقها يوما إثر يوم ومذبحة تعقبها مذبحة  في حربها الفاشية ضد الشّعب الفلسطيني الأعزل في كل أرجاء الوطن.

بدءا بمذكرات الاعتقال للقادة الإسرائيليين، ومتابعة ردود أفعال الدّول عليها وخاصة الأوروبية كألمانيا والنرويج على سبيل المثال لا الحصر، الأمر الذي أماط اللثام عن الوجه الدميم للصهيونية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطرف الفلسطيني الشّرعي والمعترف به عالميا، وعلى رأسه الرئيس الفلسطيني ورئيس الحكومة، يلقى كل الترحيب والتضامن حين زيارته إلى أي دولة أوروبية، أضف إلى ذلك أمر محكمة العدل الدولية واعتراف ثلاث دول أوروبية بفلسطين واستعداد دول أخرى للاعتراف كالبرتغال وفرنسا، والحديث عن الاعتراف بأسلوب لا تراجع فيه والأهم من ذلك طريقة التعاطي المتعالية من قبل إسرائيل، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين الرعناء (تصريحات بن غفير بعد اقتحامه للأقصى) يشير إلى تدني صورة إسرائيل عالميا وهبوطها الحر نحو القاع حيث الدّول المتخلفة والتي لا تهتم بأدنى المعايير الأخلاقية والإنسانية. الأمر الذي تجلى بسلوكها الأعمى عبر هجومها على رفح معقل النازحين الغزيين، فهي أظهرت بشكل غير قابل للتأويل أنّها لا تكترث بالرأي العام العالمي ولا حتى بحياة أسراها الذين مات جلّهم بنيران جيشها أي بنيران صديقة حسب التعبير العسكري للحروب، فهي تتحمل المسؤولية الكاملة أمام مواطنيها والعالم أجمع بسبب خسارة أسراها لحياتهم.

من الواضح أن رصيد التعاطف العالمي مع إسرائيل إزاء ما حدث في السابع من أكتوبر قارب على النفاد، سابقا استغلت إسرائيل الهولوكوست لاحتلال فلسطين، واليوم هي تستغل ما حدث في طوفان الأقصى لتُعمِل ذبحا وقتلا وتشريدا بالشعب الفلسطيني البريء، وهي تضع نصب عينيها شعارها الأوّل “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

لقد خسر الشّعب الفلسطيني الكثير وما زال يخسر والأهم في هذه الخسارة أنها عبرت بشكل لا لبس فيه أنّه هو الضحية وإسرائيل هي الطرف الجاني لا المجني عليه كما تحاول دائما تقديم نفسها لكل العالم.

وفي ظل حرب الإبادة الشّاملة، اتجهت إسرائيل لسرقة أموال المقاصة جهارا نهارا بسعي حثيث منها لقتل السلطة الوطنية الفلسطينية ماديا وتفجير الأوضاع في الضفة الغربية، وهذه غاية المنى لليمين الصهيوني.

وهنا يأمل الشعب الفلسطيني وقيادته أن يستجيب قادة الوطن العربي لدعوتهم إلى تفعيل شبكة الأمان العربية لقطع الطريق على إسرائيل منعا لانهيار السلطة الوطنية الفلسطينية ماديا ودعما لصمود الشعب الفلسطيني الباسل في معركته طويلة الأمد ضد الاحتلال ومتطرفيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى