لا يمكن وصف التصرفات التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني إلا بالهمجية المستندة على استراتيجية القتل وسفك الدماء ، فإضافة للعدوان المتواصل والمجازر في قطاع غزة ،حيث عشرات الشهداء الذين ارتقوا في يوم واحد ، شنت إسرائيل هجوما عنيفا على مدينة ومخيم جنين أوقع سبعة شهداء وعشرات الجرحى اضافة لتخريب واسع النطاق ومتعمد لكافة مرافق الحياة ومعالم جنين والبنى التحتية ولا زال العدوان متواصلا وقد يستمر لأيام إضافية ..
لم يكن مفاجئا أن يتجدد العدوان على جنين، حيث دأبت إسرائيل على شنه في السنوات الأخيرة مرارا وتكرارا، وبناء على قرارات اتخذتها حكومة الاحتلال خلال الأسابيع الماضية، تم اقرار حملة عسكرية على مخيمات ومدن الضفة الغربية، بحجة القضاء على المقاومة فيها واعتقال من تصفهم إسرائيل بالمطلوبين ، اضافة لتخريب البنى التحتية وتدمير كل ما يرمز للوجود الفلسطيني في الضفة الغربية من شواهد وحكايات تاريخيّة ..
تأتي الحملة الجديدة متزامنة مع توصيات المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي ومن الطبيعي ان ترد اسرائيل عليها بتسريع وتوسيع وتيرة العدوان في كل مكان ..
قتلت اسرائيل بسلاح جيشها الذي لا يرحم المعلم الذي كان متوجها إلى مدرسته وهو يحمل كشف علامات الطلاب ، وأحد الطلاب الذي كان ينتظر علاماته في مدرسة اخرى ، فنجح بامتياز مرتقيا الى الجنة ، وسيبقى مقعده ومقعد المعلم شاغرين للتذكير بالمصاب الجلل وحشد جميع الذكريات الجميلة التي عايشاها ، المعلم في مسيرته التربوية الطويلة حيث انه المربي الناجح الذي تتلمذ على يديه آلاف الطلاب ، والطالب الذي رحل في مقتبل العمر ليروي حكايته في جنة الخلود لمن قرر بديع السماوات والأرض، أن يحتضنهم ويمنحهم العناق الابدي ..
تطاول جيش الاحتلال كثيرا وقتل الطبيب الذي كان في طريقه إلى المستشفى لاستكمال رسالته الإنسانية والطبية ، فحرمه منها ليثبت هذا الجيش انه بربري لا يرحم ..
يقول الموقع الرسمي للجيش الاسرائيلي ان قيادته وأفراده وعناصره يتسلحون بالقيم الإنسانية في كل الظروف ، وان الجيش يستمد أخلاقياته من اربعة مصادر ، اكثر ما يلفت الانتباه فيها القيم الأخلاقية والإنسانية التي تحترم قيمة الإنسان وكرامته ، وللأسف فان كرامة الفلسطيني وقيمته واعتباره، لا اهمية ولا مكان لها في نظر هذا الجيش وقاموسه المحتشد بالقتل والتنكيل والتعذيب والاهانة والاعتقال ..
ان ما حدث بالأمس في جنين من خلال التصدي لقتل الطبيب والمعلم والطالب ، هو استهداف لرسالة التربية والتعليم الفلسطينية ،والرسالة الإنسانية التي يجسدها أطباء فلسطين بامتياز ، ومحاولة للقضاء على كرامة وكبرياء المواطنين الأبرياء ، وهو ما يمثل استمرارا واستكمالا لحالة العدوان على غزة وقتل المسنين والسيدات والأطفال والقاصرين والرضع ، واستهداف الحالة الفلسطينية برمتها ..
إن توصيف الجيش الإسرائيلي بالجيش النظامي والأخلاقي الذي يعمل وفق القانون الدولي ،من قبل المسؤولين الإسرائيليين الكبار هو استهزاء واستخفاف بعقول الشعوب والأمم ، وكان الأجدر بمدعي محكمة الجنايات ان يطالب أيضا بإصدار مذكرات اعتقال لعدد من قيادات الجيش التي رسمت سيناريوهات وخطط لمواصلة ذبح وقتل الشعب الفلسطيني ، حتى تأخذ نصيبها من العقاب ولتدرك جيدا انها ، قيادات بلا قيم وبلا ضمير وبلا إحساس.