إبادةُ الجِياعِ في قِطاع غزّة
بالرغم من هذه المَجزرة المُروّعة وما سَبقها من المجازِر في أوساط الشعب الفلسطينيّ الأعزل، فإنَّ رئيس الكيان الإسرائيلي قد أصَرَّ على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافِها، وهي الإبادة الجماعيّة لِشعبّ بأكملِه،
بالتوازي مع سقوط 112 شهيداً في مجزرة دوار النابلسي في غزة وأكثر من 750 جريحاً، بحسب الصحة الفلسطينية، قال مارتن جريفيث، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إنَّ “الحياة في قطاع غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة”. وبحسب المعطيات، فتحت قوات الاحتلال ودباباته نيران رشاشاتها باتجاه آلاف المواطنين الذين كانوا ينتظرون وصول شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات.
بالرغم من هذه المَجزرة المُروّعة وما سَبقها من المجازِر في أوساط الشعب الفلسطينيّ الأعزل، فإنَّ رئيس الكيان الإسرائيلي قد أصَرَّ على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافِها، وهي الإبادة الجماعيّة لِشعبّ بأكملِه، وليس القضاء على حركة حماس وإطلاق سراح الأسرى، كما يَدَّعي بنيامين نتنياهو.
لقد تَجاوَزت إسرائيل كلّ الحدود في إبادَتِها الجماعيّة للشعب الفلسطينيّ في غزة، قَتلاً وجرحاً، في غياب أيّ رادِعٍ يُوقِف ماكِنتَها الإجراميّة ويَصُدُّها عن حصدٍ يوميٍّ لمِئاتٍ من أرواح المَدنيّين العُزَّل كلّهم من الأطفال والنساء والعجَزة والمَرضى.
أعادت الحرب غالاوي إلىالبرلمانالبريطاني؟قوات حفظ السلام تراقب المنطقة العازلة في العاصمة نيقوسيا بتاريخ 21 شباط/فبراير 2024الخوذ الزرق في قبرص: 60 عامًا ولا حل في الأفقلم تراع تقسيمات سايكس بيكو طبيعة السكان وأصولهم وطبيعة حياتهم التي عاشوها منذ فجر التاريخ.
اكتفت غالبيةُ دول العالم بتصريحات تُدين فيها هذه الجرائم البَشِعة، دون أن تعمل على إيقافِها من خلال تنفيذ ما جاء في قرارات محكمة العدل الدوليّة، بالرغم من عِلَّتِها. فَقد قالت المحكمة في النص الذي تلاه القُضاة “إن على إسرائيل أن تتخذ كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية”.
وذكرت المحكمة أنه “تقِرّ بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، مؤكدة أن الشروط متوفرة لفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل”. وأضافت المحكمة أن “على إسرائيل الالتزام بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة وأن تضمن توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة في القطاع بشكل فوري”.
من المُلاحَظ أنَّ المُجتمع الدوليّ قد وقف كَمُتفرِّجٍ على شعبٍ أعزَل يُبادُ أمامَ أعيُنِه ولمْ يُحرِّك ساكِناً لإنقاذِه من المَذابِح الفظيعة التي تُرتكبُ ضدّه من قِبَل مُحتلٍّ لأرضِه مُنذ أكثَر من سبعة عقود؛ المُحتلّ الغاصِب الذي يَهدف من وراء ذلك إلى مَحوِ جميع الفلسطينيّين من الوُجود قَصدَ إكمال إنشاء دولَته على أنقاض أصحاب الأرض الحقيقيّين من أجل ضَمانِ عيْش “شعب إسرائيل” في أمْنٍ وأَمانٍ بعيداً عن أيَّ تهديد من المُقاوَمة الفلسطينيّة التي تَطمح إلى إقامَةِ دوْلَتِها على أرض أسلافِها الذين ضَحّوْا بأرواحهم في سبيل تحقيق هذا الهدف المشروع الذي تضمنُه لهم جميع التشريعات و المواثيق الدوليّة.
تقوم الولايات المتحدة باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، كلّما انعقد من أجل الوقف الفوري للحرب وإدخال المُساعدات اللازمة للشعب المُحاصَر في غزة، وتُؤَيِّدها في ذلك العديد من الدول الأوروبيّة، بِذريعة “دفاع إسرائيل عن نفسها”.
ومن خلال عجز المجتمع الدولي عن إرغام إسرائيل على إيقاف حربها الشعواء على الشعب الفلسطينيّ في قطاع غزة، يَتّضح، على ما يَبْدو، أنّ الولايات المُتحدة والعديد من الدول الغربيّة التي تَدور في فَلكها هي سبب إطالة أمَد هذه الإبادة الجماعيّة التي حصدَت ولا زالت تحصُد الآلاف من الضحايا الأبرياء.
إنّ تزويد أميركا يوميّاً لإسرائيل بأحدث الأسلحة والعتاد الحربي عبر جسر جوّي خاص يتناقض مع ما تطالب به إسرائيل في الوقت نفسه بضرورة تقليل الخسائر البشرية. هذا التناقض الأميركيّ الواضِح بين استخدام (الفيتو) ضدّ إيقاف الحرب و إدخال المُساعدات إلى غزة، و بين تزويد إسرائيل بما تحتاجه من الأسلحة، ثمّ مُطالَبتُها بالتقليل من الخسائر في أرواح المواطنين الأبرياء في غزة، يدُلّ على أنّ “البيت الأبيض” يَقوم بِتضليلٍ لِشعوب العالَم واستِغباء لِعقولِها ومُحاوَلة فاشِلَة لإقناع الشعب الأميركيّ بِأنَّ الرئيس جو بايدن بعيدٌ عن الحرب التي تشُنُّها إسرائيل على الشعب في غزة قَصدَ استرجاعِ ثِقَة النّاخبين وتلميع صورتِه السّوداء أمام شعبِه. إنَّ هذه المَسرحيات التي يُؤَلِّفُها البيت الأبيض عبارة عن أكاذيبَ مَفضوحةٍ يعلَم فحواها كلّ مَن له دِراية بِسياسة أميركا الخارجيّة.
الولايات المتحدة الأميركيّة مع استمرار الحرب على الشعب الفلسطينيّ في غزة وضِدّ إيقاف النَّزيف اليومي في غزة، فهي مُشارِكةً في الإبادة الجماعية بِطريقة غير مُباشرة. ولِنفْرِضْ جدَلاً أنّ أمريكا قامَت بضَغْطٍ حقيقيّ على إسرائيل من أجلِ إجبارِها على وَقْف الحرب في غزة، فَهل تَعصي لها أمراً؟ أبداً، لا، فأميركا هي الآمِرة والنّاهيَة، وسَتَستجيبُ إسرائيل في حينِها، وتوقِفُ الحرب وتُخرجُ جَيْشَها من القطاع فوْراً، وسَتفتَح جميع المعابِر لِدخول المُساعدات إلى غزة. من المُؤَكَّد أنّ أميركا هي التي تَأْخُذ بِزِمام الحرب على غزة، وهذا أمر لا جِدال فيه، ومَنْ يَقول غير ذلك، فعليْه مُراجعة سِجِلّ أميركا الحافِل بإبادة الشعوب، من شعب “الهنود الحُمْر” إلى الشعب الفيتنامي إلى الشعب الأفغاني وُصولاً إلى الشعب العراقي، واللّائحة طويلة…