ثمة نقاش أميركي-لبناني يتناول دعم الجيش اللبناني، خصوصاً وأن هذا الجيش كان لطالما تعول عليه واشنطن في مسؤولية تقديم الاستقرار في البلد، ومن ثم للقيام بواجباته بعد اتفاق وقف النار في تنفيذ القرارات الدولية كافة.
وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن الإدارة الأميركية تدرك تماماً أوضاع الجيش وهي التي كانت ولا تزال تخصص له التمويل والتجهيز والتدريب. إنما الأزمة الاقتصادية التي عانى منها لبنان على مدى السنوات الخمس الماضية كان لها أثرها السلبي على قدرات الجيش. لكنه رغم كل التحديات، يريد تنفيذ اتفاق وقف النار وهو قادر على ذلك.
مهمة الجيش، بحسب المصادر، دقيقة للغاية بالنسبة إلى المساءلة الأميركية حول تنفيذ القرارات، وضبضبة السلاح غير الشرعي، ويفترض بكل الأطراف في السلطة داخل البلد أن تعي دقة الأمر لاسيما لتلافي إرسال رسائل تضع الجيش أمام شكوك غربية بما إذا يقوم بمهمته أم لا. أي بمعنى أن واشنطن كانت تعتبر قبل الحرب الأخيرة، أنه في ظل وجود “حزب الله” وقدراته التي كانت تفوق قدرات الجيش، أن هناك أعذاراً قد تقف حائلاً دون عدم القيام بكامل المهمات. أما الآن وبعد التغييرات الدراماتيكية في الأوضاع على الأرض وفي السياسة في ظل نتائج الحرب الإسرائيلية على “حزب الله”، بات دور الجيش أمام تحديات أكبر، بفعل إنعدام وجود أي عذر مبرر دولياً.
في الأسبوعين الماضيين حصلت ما يشبه الحملة بإعطاء انطباع أن الجيش يسرب معلومات ل”حزب الله” خلال قيامه بمهمته في الجنوب. كذلك حاول البعض إعطاء انطباع أن المطار لا يزال يمرر أموال وذهب للإيرانيين و”حزب الله”، للقول أن الجيش غير ضابط للحدود لاسيما الجوية.
إقرأ أيضا : لبنان بين البراغماتيّة والإصلاح الضروري: سباق مع الزمن قبل انتخابات 2026
وتقول المصادر، بالقوة إسرائيل آمنة أكثر من لبنان، لكن على الأهالي الجنوبيين أن يتمهلوا قليلاً للعودة ريثما يتم انتهاء الجيش من عملية تسلم السلاح. فلا أهالي الجنوب عادوا مثلما يجب ولا أهالي الشمال الإسرائيلي عادوا كما يجب أيضاً. هذا أقله بالنسبة إلى جنوب الليطاني وكل المواضيع المتفرعة عنه لاسيما بالنسبة إلى العودة. طالما المسيَّرة انطلقت من لبنان لتهدد شمال إسرائيل فإنها تعتبر ان الاسلحة لا تزال موجودة في المنطقة.
من هنا أهمية إطلاق رسائل إيجابية عن دور الجيش وما الذي يقوم به، وعن جديته في تنفيذ وقف إطلاق النار. ذلك أن مثل هذه المواقف تؤثر على عملية تمويله دولياً وعربياً وليس فقط على استمرار تمويله من جانب الولايات المتحدة.
الرئيس الاميركي دونالد ترامب جمَّد كافة المساعدات الاقتصادية والعسكرية للبنان من ضمن قراره بالنسبة إلى دول العالم. فقط هناك مبلغ ال117 مليون دولار الذي كانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن أقرّته هو خارج هذا القرار، وهي مساعدة لانتشاره. وكان بايدن قام بتحرك دولي لجمع تمويل للجيش تبرعت إدارته بهذا المبلغ على أن تلتزم الدول الأخرى بتقديم المساعدات مثلما التزمت أمام بايدن. مع التعويل دائماً على الدعم القطري.
وأوضحت المصادر، أن هناك ارتباط فعلي بين دعم الجيش وقدرته على القيام بمهامه من جهة، لتلافي بروز أزمات داخلية لا سيما سياسية وقطع الطريق عليها. كما أن هناك ارتباط مباشر بين ضرورة تشكيل الحكومة ومسار تنفيذ اتفاق وقف النار الذي التزم به لبنان الرسمي، والجيش عملياً هو الذي سينفذه من جهة ثانية.
ان اية اخبار سلبية عن مهمة الجيش وقدرته على ضبط الامور، هدفها ابعاد الدعم الاميركي عنه. اذ في هذه الحالة، عندما تصبح المخصصات الاميركية التي تقر في الادارة للجيش، عند الكونغرس لإقرارها والمصادقة عليها، ستتعالى الاصوات داخله عن مدى قدرته على ضبط الامور وتنفيذ الاتفاق. وهذا لا يصب في خانة المساعدة، بل على العكس سيخلق نوعاً من الشكوك حيال هدف المساعدة. والاخبار غير الدقيقة التي تصدر في لبنان لا تصب في مصلحة لبنان ولا في مصلحة الجيش. وبالتالي، تحتاج المرحلة التي يمر فيها لبنان وجيشه إلى تضافر في الجهود لدعمه وليس للتخريب بغرض منع الدعم عنه.