أوروبا

«أوربان».. وسياسة الابتزاز في أوروبا

يطرح أوربان نفسه حليفاً للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ولا يخفي حماسته لعودته مجدداً إلى البيت الأبيض في الانتخابات التي ستجري في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

يمارس رئيس الوزراء المجري اليميني المتطرّف فيكتور أوربان سياسة الابتزاز داخل الاتحاد الأوروبي، ويحول دون صدور الكثير من القرارات التي تحظى بإجماع الدول الـ26، في مقابل معارضة المجر وحدها، من أوكرانيا إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وابتزاز أوربان يسري أيضاً على حلف شمال الأطلسي. وظلّ الرجل مثلاً حتى اللحظة الأخيرة يضع فيتو على طلب السويد الانضمام إلى الحلف الغربي منذ عامين وحتى الآن. وبلغ التعنت من المجر، أنّ تركيا صادقت على انضمام السويد وفنلندا قبل أن تفعل بودابست.

مأخذ أوربان على السويد أنّها توجّه انتقادات كثيرة إلى الممارسات الاستبدادية المتزايدة لحكومة حزب “فيدس” اليميني المتطرف الكاره للهجرة والمهاجرين من منطلق عنصري وطائفي محض، قبل أي سبب اقتصادي مثلاً.

وضع أوربان شرطاً على استوكهولم للموافقة على انضمام السويد إلى الأطلسي، وهو أن يزور رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون بودابست، ويجري محادثات مع المسؤولين المجريين. ورضخ كريسترسون أخيراً وسيزور المجر الجمعة، بينما حدّد الحزب الحاكم جلسة البرلمان للمصادقة على طلب السويد في 26 من الشهر الجاري. وتفترض معاهدة الحلف أن تصادق كل برلمانات الدول الأعضاء على انضمام أي عضو جديد.

داخل الاتحاد الأوروبي، منع الموقف المجري المؤيّد بالمطلق لإسرائيل صدور قرار عن اجتماع وزراء الخارجية الاثنين في بروكسيل، يدعو إلى “هدنة إنسانية فورية” في غزة. وبدلاً من القرار، لجأت الدول الـ26 الأخرى إلى إصدار بيان في هذا الشأن، ما شكّل إضعافاً لموقف الاتحاد. ما الذي يضير أوربان من وقف الحرب على غزة؟

أضف إلى ذلك، أنّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تلجأ إلى فرض عقوبات آحادية على مستوطنين في الضفة الغربية بسبب الاعتداءات التي يرتكبونها بحق المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، خصوصاً بعد اندلاع حرب غزة في 7 تشرين الأول (أكتوبر). وواشنطن فرضت عقوبات على أربعة مستوطنين بسبب العنف الذي يمارسونه. وكذلك فعلت لندن. أما أوربان فيعارض لجوء الاتحاد الأوروبي إلى معاقبة المستوطنين.

لعبة الابتزاز المجرية لا تتوقف هنا. لقد فرض أوربان على الاتحاد الأوروبي التراجع عن قرار تجميد أموال مخصّصة من الاتحاد لبودابست، كي يسمح بتمرير مساعدة بـ50 مليار يورو من التكتل الغربي لأوكرانيا. وكانت بروكسيل جمّدت الأموال المخصّصة للمجر بسبب المنحى الاستبدادي المتزايد للحكومة المجرية التي يسيطر عليها اليمين المتطرّف.

ويقف أوربان بشدّة ضدّ المهاجرين باسم “الدفاع عن أوروبا المسيحية”. وترفض بودابست استقبال لاجئين والمشاركة في “آلية التضامن الأوروبي الطوعية”، التي تنظّم نقل طالبي اللجوء بين دول الاتحاد الأوروبي.

يطرح أوربان نفسه حليفاً للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ولا يخفي حماسته لعودته مجدداً إلى البيت الأبيض في الانتخابات التي ستجري في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وأوربان كان الوحيد من زعماء العالم الذين انتقدو قرار سلطات ولايتي مين وكولورادو الأميركيتين، الذي قضى في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بعدم أهلية ترامب للترشح في الولاية، بسبب الاتهامات التي يواجهها لدوره في اقتحام مبنى الكونغرس في 6 كانون الثاني (يناير) 2021. أوربان اعتبر أنّ هذين الإجراءين بمثابة “شرّ ينخر الأنظمة الديموقراطية الغربية”.

سياسة أوربان الفريدة في أوروبا، تجعل من الرجل مدافعاً عن حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرّف، ومعجباً باستعادة الرئيس الأذري الهام علييف السيطرة على إقليم ناغورني-كراباخ بعد تهجير سكان الأرمن منه الخريف الماضي.

ظاهرة أوربان، دفعت البرلمان الأوروبي إلى اعتبار أنّ هذه الدولة الواقعة في وسط أوروبا لم تعد ديموقراطية حقيقية، بل أنّها “تحولت إلى نظام هجين من الاستبداد الانتخابي”.

سميح صعب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى