تقارير

أكبر عملاء الكرملين.. من هو جون مارك دوغان؟

كشفت صحفية استقصائية أن نائبا سابقا لمأمور مقاطعة بالم بيتش بولاية فلوريدا، كان قد فرّ إلى موسكو وأصبح أحد أكبر مروجي الدعاية للكرملين، يعمل حاليا مع الاستخبارات العسكرية الروسية في ضخ أخبار مزيفة عميقة، وبث معلومات مضللة تستهدف حملة كامالا هاريس نائبة الرئيس.

واستندت الصحفية الاستقصائية كاثرين بيلتون -في تحقيقها الذي نشرته بصحيفة واشنطن بوست- على وثائق روسية قالت إن جهاز استخبارات أوروبي حصل عليها، واطلعت عليها واشنطن بوست.

وذكرت بيلتون أن الوثائق تظهر أن جون مارك دوغان -الذي خدم أيضا في مشاة البحرية الأميركية وادعى منذ مدة طويلة أنه يعمل بشكل مستقل عن الحكومة الروسية- حصل على تمويل من ضابط في وحدة تابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية الروسية.

ودُفعت بعض الأموال بعد أن بدأت المواقع الإخبارية المزيفة التي أنشأها تواجه صعوبة في الوصول إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي الغربية هذا الربيع، وكان بحاجة إلى مولد ذكاء اصطناعي لإنتاج نصوص وصور وفيديو.

وتصف تلك الوثائق ضابط الاتصال المسؤول عن دوغان في الوحدة الاستخباراتية بأنه شخصية بارزة في الاستخبارات العسكرية الروسية يعمل تحت اسم مستعار هو “يوري خوروشيفسكي”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولَين أمنيين أوروبيين تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، أن الاسم الحقيقي  للضابط هو يوري خوروشنكي، رغم أنه يشار إليه فقط باسم خوروشيفسكي في الوثائق، وهو يخدم في الوحدة 29155 التابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية الروسية، والتي تشرف على عمليات التخريب والتدخل السياسي والحرب الإلكترونية التي تستهدف الغرب.

وتكشف الوثائق -التي يزيد عددها عن 150 وثيقة وتركز في الغالب على الفترة ما بين مارس/آذار 2021 وأغسطس/آب 2024- لأول مرة بعض الأعمال الداخلية للشبكة، التي يقول الباحثون ومسؤولو الاستخبارات إنها أصبحت المصدر الأكثر فعالية للأخبار الكاذبة الصادرة من روسيا والتي تستهدف الناخبين الأميركيين خلال العام الماضي.

ويرجح باحثون في مجال التضليل الإعلامي أن شبكة دوغان كانت وراء فيديو مزيف انتشر مؤخرا يشوه صورة المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس تيم والز، الذي قال مسؤولو الاستخبارات الأميركية أول أمس الثلاثاء إن روسيا هي من فبركته. وقالت شركة مايكروسوفت إن الفيديو حصل على ما يقرب من 5 ملايين مشاهدة على منصة “إكس” في أقل من 24 ساعة.

ونسبت واشنطن بوست إلى ماكنزي صادقي -وهو باحث في شركة “نيوزغارد” (NewsGuard) التي تتعقب المعلومات المضللة على الإنترنت- أن المنشورات والمقالات ومقاطع الفيديو التي أنشأها دوغان وبعض الروس الذين يعملون معه حصلت منذ سبتمبر/أيلول 2023 على 64 مليون مشاهدة.

وتكشف الوثائق أيضا أن دوغان مدعوم وموجّه من قبل معهد في موسكو أسسه ألكسندر دوغين، وهو “منظر إمبريالي يميني متطرف” يوصف أحيانا بأنه “دماغ بوتين” بسبب تأثيره على “التفكير الانتقامي” للرئيس الروسي، إذ أصبحت أفكار دوغين قوة دافعة وراء غزو روسيا لأوكرانيا.

وورد فيها أن الشخص الذي يتواصل معه دوغان هو فاليري كوروفين، مدير مركز الخبرة الجيوسياسية ومقره في موسكو، ويعمل بشكل وثيق مع خوروشنكي نائب مدير المركز.

إقرأ أيضا : زيادة دور الأفارقة في البريكس.. الصعوبات وآفاق التعددية القطبية

وتضمنت الوثائق معلومات بالمبالغ التي حوّلها خوروشنكي مباشرة إلى حساب دوغان المصرفي بموسكو ابتداءً من أبريل/نيسان 2022، وإشارة إلى الاجتماعات المتكررة بين خوروشنكي ودوغان وكوروفين.

وفي الآونة الأخيرة، كان دوغان هو المصدر الأول لادعاء كاذب وراء الفيديو المزيف الذي انتشر على نطاق واسع والذي يزعم أن فالز أساء معاملة طالب في المدرسة الثانوية التي كان يدرس فيها، وتعتقد شركة “نيوزغارد” أن شبكة دوغان قد تكون وراء نشر المزيد من هذا الفيديو.

وشملت الجهود الأخرى التي يوجهها الكرملين للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية حملة “دوبلغنجر” (Doppelgänger) -ومعناها الشبيه- التي يديرها إستراتيجيون سياسيون من الكرملين، والتي استهدفتها وزارة العدل الأميركية مؤخرا بسبب استنساخها وسائل الإعلام الشرعية، من بينها قناة “فوكس نيوز” وصحيفة “ذا بوست”.

كما اتهمت وزارة العدل أيضا قناة “آر تي” الروسية المملوكة للدولة الروسية بتحويل مئات الآلاف من الدولارات إلى المؤثرين الأميركيين على وسائل التواصل الاجتماعي لإبراز نقاط الحوار الخاصة بالكرملين.

وفي مقابلة هاتفية مع صحيفة ذا بوست، نفى دوغان أن يكون وراء مواقع مثل “دي سي ويكلي” (DC Weekly)، ونفى أيضا معرفته بكوروفين أو خوروشنكي، أو أن تكون لديه أي صلات مع الاستخبارات العسكرية الروسية أو الحكومة الروسية.

وطبقا لتقرير واشنطن بوست، فإن استخدام دوغان للمواقع الإلكترونية لمهاجمة الأعداء المتصورين يعود إلى الفترة التي قضاها في تطبيق القانون في الولايات المتحدة.

وكان دوغان قد عمل في مكتب المأمور في بالم بيتش من عام 2005 إلى 2008، وواجه 11 تحقيقا في الشؤون الداخلية قبل أن يغادر، وفقا لصحيفة “بالم بيتش بوست”.

ولفتت الصحيفة إلى أن كوروفين اقترح في رسالة إلى وزارة الدفاع الروسية، في يونيو/حزيران 2019، أن ينظم مركز “حربا على الإنترنت ضد الولايات المتحدة على أراضيها”.

أما المنظر الروسي ألكسندر دوغين، الذي يعمل تحت إمرة كوروفين، فقد دعا في وقت سابق إلى “حرب جيوسياسية مع أميركا لإضعاف خصومنا وإضعاف معنوياتهم وخداعهم، وفي النهاية ضرب خصومنا بأقصى قوة”، حسب ما أظهرت الوثائق.

وأشارت واشنطن بوست في تقريرها إلى أن كلينت واتس، رئيس مركز تحليل التهديدات في مايكروسوفت، قال عن دوغان إنه “خبير في التفاصيل التقنية لتكنولوجيا المعلومات ويعلم أنه كلما كانت بنيته التحتية والمحتوى الذي ينتجه داخليا، قلّ احتمال اكتشافه أو أن يُمنع من الاستعانة بخدمات خارجية”.

وتعتقد الصحيفة أن دوغان وشركاءه يركزون في الوقت الحالي -على ما يبدو- على تشويه سمعة نائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة كامالا هاريس، لكن المخاوف تتزايد من أنهم قد يتحولون قريبا إلى إنتاج أكاذيب عميقة تشكك في نزاهة الانتخابات الأميركية.

وبشأن ذلك يقول واتس “إذا انتقلوا من محاولة التأثير على نتيجة الانتخابات إلى التدخل في طريقة سيرها، فسيكون ذلك مقلقا للغاية مع اقتراب يوم الانتخابات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى