أعاد التنافس والصراع الدولي حول المصالح بين القوى العظمى والكبرى الذي تشهده القارة الأفريقية والذي تجدد مع بداية هذا القرن شيئًا من البريق المفقود لهذه القارة، التي عانت وما تزال من حالات الاحتراب الداخلي، والتشظّي المُجتمعي، وانسداد الأفق السياسي المفضي لعقد اجتماعي يعمل على بلورة مشروع وطني يتجاوز بدول القارة مربع الفشل التنموي والتخلف الاقتصادي إلى نوع من الاستقرار والازدهار، مقارنة مع أقاليم وقارات أخرى من العالم.
وقد لعبت عدة عوامل دورًا في تسليط الضوء مجددًا على أفريقيا في إطار معادلة البحث عن القوة وتعزيز النفوذ بين المتنافسين الإقليميين والدوليين. ومن هذه العوامل قضايا النمو السكاني، ووفرة الموارد الطبيعية التي تشمل 30٪ من احتياطيات العالم من المعادن، و12٪ من احتياطياته من النفط، و8٪ من الغاز الطبيعي، و65% من الأراضي الصالحة للزراعة، بجانب كون أفريقيا موطنًا لـ 40٪ من احتياطيات الذهب في العالم التي جعلت من القارة محورًا مُهمًا للاقتصاد العالمي، خاصة في مجال الصناعات الإستراتيجية عالية التقنية، مثل: الرقائق الإلكترونية Semiconductors، والبطاريات، والصناعات المرتبطة بالطاقة الخضراء.
وعلى الرغم من هذه الموارد، فإن دول القارة – كما أسلفنا – لم تتجاوز مربع الفشل التنموي والتخلف الاقتصادي، وهذا يطرح مجموعة من الأسئلة التي يسعى هذا المقال للإجابة عنها، والتي من بينها:
اقرأ أيضا.. الناتو وتحالف دول الساحل: مساعي “إعادة التأهيل”
ما هي جذور وخلفيات التنافس الدولي على أفريقيا؟
ما أبعاد التنافس الدولي على القارة الأفريقية؟
ماهي تداعيات ذلك التنافس على الدول الأفريقية؟
ما طبيعة العلاقة بين التحديات الداخلية للقارة، مثل: الصراع السياسي، وتحديات الحكم التي تعيق تقدمها، وتعزيز نفوذ الأطراف الخارجية؟
ما مستقبل النفوذ الخارجي على أفريقيا، ولمصلحة أي الأطراف ستحسم معركة التنافس حول المصالح والنفوذ؟
مؤتمر برلين وانعكاساته الجيوستراتيجية
عقد مؤتمر برلين في الفترة ما بين 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1884 إلى 26 فبراير/ شباط 1885، وقد عُرف عند بعض المؤرخين بالمؤتمر الذي وضع أسس الصراع في أفريقيا، إذ قاد إلى رسم خريطة سياسية مُشوهة تجاهلت الحدود الثقافية والعرقية للشعوب، مما أسفر عن عواقب وخيمة لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم.
فقد تمّ تقسيم الشعوب المتجانسة ثقافيًا وعرقيًا إلى كيانات متفرقة، ومن أمثلة ذلك شعب التوغو الذي قسم بين دول مختلفة، مما أدى إلى تشتيت هويتهم وزرع بذور الصراع، بجانب إشعال النزاعات الحدودية، حيث أصبحت الحدود المرسومة arbitrarily وقودًا للصراعات والنزاعات بين الدول الأفريقية.
ويتجلى هذا الأمر في الخلاف الحدودي بين الصومال وإثيوبيا حول إقليم أوغادين، والمشكلة الحدودية بين تشاد والسودان حول قبائل الودّاي، والنزاع الموريتاني – السنغالي حول قضية قبائل التكرور، ومشكلة قبائل الباكونغو المقسمة بين الكونغو برازافيل، والكونغو كينشاسا، ومشكلة قبائل الهوسا بين النيجر ونيجيريا، ومشكلة دينكا نجوك بين السودان وجنوب السودان.
الأمر الذي خلّف إرثًا ثقيلًا من التفتت والنزاع في القارة الأفريقية، وقد قاد هذا الواقع الصراعي الذي وضعت لبناته الدول الكبرى عبر بوابة مؤتمر برلين، إلى فتح الباب لمزيد من التنافس بينها حول أفريقيا ومواردها، بصورة أضرت بمستقبل التنمية السياسية، والاقتصادية والاجتماعية داخلها.
والملاحظة الجديرة بالاهتمام هنا تتمثل في أن الاستعمار لم يكن يحتل أكثر من 10% من المساحة الكلية لأفريقيا قبل مؤتمر برلين، ولكن بعد المؤتمر لم يتبقَّ من الأراضي الأفريقية خارج سيطرة المستعمر إلا 8% فقط.
وليس بالضرورة أن ينظر لخريطة أفريقيا السياسية اليوم بكل تمزقاتها كنتيجة لمؤتمر برلين فقط، وإنما يجب النظر أيضًا إلى نتائج الحرب العالمية الثانية التي أسهمت في بلورة هذه الخريطة بنسبة مقدرة، غير أن المؤتمر المشار إليه يُعد واحدًا من أهم الأدوات التي استُخدمت لتفتيت القارة وتقاسم النفوذ فيها بين القوى الدولية.
وبالتالي لا يُمكن قراءة واقع التنافس الدولي على القارة الأفريقية اليوم بمعزل عن استصحاب الانعكاسات الجيوستراتيجية الناجمة عن نتائج مؤتمر برلين.
أطراف التنافس وأبعاده
تتعدد الأطراف المتنافسة دوليًا على قارة أفريقيا بتعدد المصالح وتباين زوايا النظر لها. ولكن رغم كثرة المتنافسين سنركز على أربع قوى رئيسية تشمل الصين، الولايات المتحدة، روسيا وفرنسا.
فالصين سعت إلى تعزيز وجودها في أفريقيا منذ فترة مبكرة، وذلك بغرض تحقيق عدة أهداف، بدءًا من تأمين المواد الخام وتصدير السلع المصنعة، وصولًا إلى توسيع نفوذها السياسي والاقتصادي.
وقد اشتملت إستراتيجيتُها في البداية على التركيز على استيراد المواد الخام، وتصدير السلع المصنعة، مصحوبًا ذلك بتمويل مشاريع البنية التحتية التي تُعد جزءًا رئيسيًا من إستراتيجيتها المعروفة بالحزام والطريق.
وترتكز هذه الإستراتيجية على ربط مناطق الإنتاج داخل الصين مع مناطق الاستهلاك خارجها، وتعد أفريقيا أهم الجوائز الكبرى في سباق التنافس الدولي حول المصالح، وتعزيز النفوذ، رغم وجود بعض المخاوف من قبل الأفارقة فيما يتعلق بأمرين.
الأوّل منهما يتعلق بمخاطر الوقوع فيما يُسمى بفخ الديون الذي تنصبه بكين لدول القارة، في مقابل تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي، والأمر الثاني يرتبط بجلب الصين لعمالتها المحلية، والتي تضعف حظوظ السكان المحليين في الحصول على الوظائف في ظل انتشار العمالة الصينية الماهرة، والرخيصة في نفس الوقت.
في المقابل فإنّ الولايات المتحدة تنظر لأفريقيا كموقع إستراتيجي حاكم يساعدها على تعزيز سيطرتها ونفوذها العالميين، وذلك بالنظر إلى الموقع الجغرافي الحيوي الذي تتمتع به القارّة، فهي تقع بالقرب من أهم أربع نقاط عبور بحرية من أصل ثمانٍ في العالم: (قناة السويس، مضيق باب المندب، رأس الرجاء الصالح، مضيق جبل طارق، مضيق ملقا، مضيق هرمز، مضيق البوسفور التركي، قناة بنما).
الأمر الذي جعلها محط اهتمام القوى الدولية الساعية للسيطرة على طرق التجارة، وتعزيز النفوذ العسكري، ويتجلى ذلك من خلال تواجد القواعد العسكرية الأميركية بالقرب من المضائق البحرية وطرق الملاحة الإستراتيجية.
وقد منحها ذلك الوضع تفوقًا إستراتيجيًا من الناحية الأمنية والعسكرية. ومن المنظور التحليلي فإن أفريقيا بالنسبة لأميركا تُعدّ ملفًا أمنيًا بامتياز، رغم وجود بعض المصالح الاقتصادية، إذ بلغ حجم الاستثمارات الأميركية في كل أفريقيا في عام 2020 ما قيمته 33.3 مليار دولار، مقابل 175. 3 مليارات دولار تُمثل حجم تجارة الصين مع عشرة شركاء تجاريين فقط في أفريقيا في عام 2021.
وبالتالي فإنّ قصور المقاربة الأميركية، أسهم ضمن عوامل أخرى في تراجع نفوذها لمصلحة شركاء آخرين، وبات قصور نظرتها في إطار تعاطيها مع القارة الأفريقية أحد أهم المحددات التي ربما قادت لمستقبل تؤول فيه السيطرة لأطراف دولية أخرى، تعتمد مقاربة سياسية، اقتصادية وعسكرية أكثر شمولًا وعمقًا.
وفي ذات الإطار المتصل بلعبة التوازنات الدولية، هناك روسيا وفرنسا اللتان تتنافسان على إحدى أهم المناطق في القارة الأفريقية والمتمثلة في دول غرب أفريقيا ومنطقة الساحل. وتُعد هذه المنطقة من المنظور التاريخي إحدى دوائر النفوذ الفرنسي التقليدي، وتُمثل آخر القلاع المتبقية لباريس في إطار معركة التنافس الدولي حول المصالح.
والملاحظة المهمة في هذا الصدد، هي أن هذا النفوذ بدأ في التراجع والتآكل بشكل متسارع لمصلحة موسكو التي نجحت في توطيد علاقاتها مع دول المنطقة التي باتت الغلبة فيها لأنظمة عسكرية ذات طابع تحرري معادٍ للوجود الغربي بشكل عام، والنفوذ الفرنسي بشكل خاص.
وعملت روسيا على استثمار هذا الشعور المعادي للوجود الفرنسي في المنطقة، وساعدها ذلك الشعور المتعاظم لدى سكان الإقليم بأن باريس تُمثل مشروعًا للعبودية والجشع الاستعماري الذي يهتم بمصالحه، دون مراعاة لمطلوبات التنمية التي تقتضي نوعًا من الشراكة العادلة بين هذه الدول وفرنسا.
ونجحت موسكو في استمالة شريحة مقدرة من قيادات هذه الدول، مستثمرةً العداء الشعبي المتنامي ضد فرنسا. والأمر الآخر الذي دفع روسيا لتوطيد علاقتها بدول القارة، هو تداعيات حربها مع أوكرانيا، والتي دفعتها للبحث عن موارد وشراكات بديلة لتعويض خسائرها الناتجة عن الحرب، وبالتالي يمكن قراءة مشروعها للبحث والتنقيب عن الذهب واليورانيوم في دول، مثل: السودان، أفريقيا الوسطى، ليبيا، موزمبيق، تنزانيا، النيجر والكثير من دول الساحل في هذا السياق التعويضي.
ويظهر جليًا أن روسيا ومن خلال دعمها كثيرًا من الأنظمة العسكرية في دول الساحل نجحت بشكل كبير ليس في محاصرة النفوذ الفرنسي فحسب، بل في إخراج الولايات المتحدة من بعض المناطق الحرجة التي تزخر بالمعادن الإستراتيجية في منطقة الساحل، ويمكن قراءة قرار إخراج قواتها من النيجر، وإنهاء تعاونها العسكري مع تشاد في هذا السياق.
ويمثل فقدان قاعدة أغاديز الأميركية، والتي تبعد عن العاصمة النيجرية نيامي حوالي 920 كيلومترًا خسارة إستراتيجية كبرى، وذلك بالنظر إلى أن بناءها كلف 110 ملايين دولار، ويضاف إلى ذلك خسارة مئات الملايين من الدولارات كانت واشنطن قد استثمرتها في تدريب جيش النيجر منذ بدء عملياتها هناك في عام 2013.
ويُمكن قراءة الفيتو الذي استخدمته موسكو لصالح الخرطوم في نوفمبر/تشرين الثاني داخل مجلس الأمن في سياق مساعي موسكو لكسب مزيد من النقاط في أفريقيا في إطار تنافسها مع غرمائها الغربيين.
تداعيات التنافس الدولي
تُعدّ إشكالية بناء الدولة القومية، أو ما يسمى بأزمة التكامل القومي أكبر مُعضلة واجهت الدولة الأفريقية، ويعود ذلك بدرجة أساسية لعاملين رئيسيين:
يرتبط العامل الأول بالاستعمار ومخلفات سياساته التي لم تكن موجهة لخدمة الأفارقة ولا المؤسسات المصطنعة التي باتت تعرف لاحقًا بالدولة.
والثاني ذو صلة بتجربة الحكم الوطني التي تلت خروج المستعمر.
فالدولة الموروثة في أفريقيا رغم أن قيادتها شكلًا تُعد وطنية، فإنها لم تنجح في تحقيق التنمية المنشودة بمثل ما حدث في قارات أخرى من العالم، كالتجربة التايوانية، أو الكورية الجنوبية، أو حتى النموذج الصيني، رغم التحفظات على بعض جوانبه.
فعوضًا عن قيادة التنمية وإحداث التغيير المطلوب داخل المجتمعات الأفريقية، تشكلت بيئة حاضنة للفساد وإهدار الموارد الوطنية داخل محيط الدولة الأفريقية، والنماذج في هذا الصدد كثيرة، وكانت وثيقة صلة بالمستعمر الذي نجح في خلق وكلاء محليين من النخب لحماية مصالحه.
وتُعدُ تجربة الكونغو كينشاسا في عهد موبوتو نموذجًا لذلك، وظلت هذه النماذج الفاسدة مستمرة إلى يومنا هذا. فأصبحت الدولة والسيطرة على مفاصلها إحدى الأدوات التي استخدمت لإثراء النخب الحاكمة ووكلائهم في الخارج.
وتُعدّ تجربة الدولة في السودان، الصومال، تشاد، إثيوبيا، جنوب السودان، وغيرها من الدول الأفريقية امتدادًا لهذا الإرث من الفشل، وعليه لا يمكننا استثناء أي من الدول التي لم تذكر ضمن النماذج المشار إليها أعلاه، ليفتح ذلك الباب أمام تساؤل مفصلي، وهو: ما مستقبل الدولة الأفريقية، وما مستقبل التنافس الخارجي عليها في ظل لعبة التوازنات الدولية؟
مستقبل الدولة الأفريقية
يتوقف مستقبل الدولة الأفريقية ومسار التنافس عليها على جملة من التحديات:
فأولى هذه الصعاب تعتمد على قدرة هذا الكيان المُصطنع الذي اصطلح على تسميته بالدولة على تجاوز قائمة طويلة من التحديات، والتي يقف على رأسها تحدي إدارة التنوع في أبعاده الإثنية، واللغوية، والدينية.
فالدولة المنقسمة على نفسها ثقافيًا لا تستطيع إنجاز مشروع وطني يحظى بالقبول بين مختلف مكونات الشعب، وبالتالي فإن الاعتراف بالتنوع وحسن إدارته يعد اللبنة الأولى في اتجاه تحقيق الاستقرار السياسي والسلام المجتمعي. فالاعتراف بالتنوع وحسن إدارته يقتضي تمثيلًا عادلًا في هياكل الدولة من جهة، وتنمية متوازنة ترتكز على مبدأ التقاسم العادل للثروات القومية.
التحدي الثاني في مسار مستقبل الدولة الأفريقية في إطار لعبة التوازنات الدولية، يرتبط بعسكرة الدولة وأمننتها. فعملية عسكرة الدولة وإدارتها كملف أمني له تبعات مضرة من المنظور الإستراتيجي، فالوضع الطبيعي لمستقبل أي دولة، والحديث ينصرف هنا لأفريقيا، أن يتمّ الاهتمام بمختلف قطاعات الدولة المدنية والعسكرية التي تشكل في المحصلة النهائية ما يعرف بقوى الدولة الشاملة.
ويُعدّ تطوير عناصر القوة المختلفة مسؤولية كبرى تتجاوز إمكانات المؤسسة العسكرية والأمنية كمؤسسات محترفة تُعنى بالجانب العسكري والأمني، لشمل بقية القطاعات الأخرى ذات الطابع المدني.
وعملية التطوير المشار إليها تقتضي الاهتمام بتطوير البنى السياسية المدنية، والتي تشمل الأحزاب، والكيانات المهنية، ومنظمات المجتمع المدني، والتي يُمثل وجودها ضرورة قصوى؛ لضمان تنمية ولاءات وطنية وقيم عليا تحمي الدولة والمجتمع من الارتداد إلى ما يُعرف بالولاءات تحت القومية المتمثلة في القبيلة والعشيرة.
ويمكن فهم وتفسير ظاهرة تعاظم دور القبيلة في الدولة الأفريقية في سياق العجز عن بناء مؤسسات مدنية ناضجة تستطيع أن تحمي وتستوعب أحلام وتطلعات المجتمع، وبالتالي احتماء الناس بقبائلهم، بل وفي كثير من الأحيان الاستقواء بها للظفر بالمنصب السياسي والحظوة المالية التي يوفرها.
سيناريوهات التنافس على أفريقيا
من الطرح أعلاه يمكن النظر لمستقبل التنافس على الدولة الأفريقية في إطار لعبة التوازنات الدولية في سياق ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
السيناريو الأول:
أن تنجح الدولة الأفريقية في تجاوز التحديات المشار إليها والمتعلقة بالقدرة على الاعتراف بالتنوع وإدارته بشكل جيد من جهة، والعمل على بناء مؤسسات الدولة وتفادي عسكرتها من جهة أخرى.
وفي حال نجاح التعامل مع هذه التحديات تستطيع الدولة الأفريقية أن تواجه تحدي التنافس الدولي حول المصالح أو ما نسميه بلعبة التوازنات الدولية بشكل فاعل ورشيد، والعمل على تحقيق مصالح المجتمعات الأفريقية، بدلًا من أن تعمل النظم السياسية كوكلاء للخارج، رغم إمكانية أن تستفيد الأطراف الخارجية من موارد الدول الأفريقية، ولكن في إطار مبدأ الكل كاسب.
السيناريو الثاني:
أن تفشل الدولة الأفريقية في مسعى الاستجابة لتحدياتها الداخلية، وتدخل معترك التنافس الدولي بظهر مكشوف لمصلحة روسيا، والصين والولايات المتحدة، بعيدًا عن المسار الانعزالي والشعبوي الذي يمكن أن يسلكه الرئيس الأميركي الجديد كصانع للسياسة الخارجية، بمعنى أن تبقى واشنطن منخرطة في عملية التنافس الدولي.
وفي هذه الحالة ربما تحوّلت القارة لساحة لتصفية الحسابات بين القوى الثلاث، وفي حال حدوث هذا السيناريو فإن الكلفة الأمنية ستكون باهظة على الأفارقة.
السيناريو الثالث:
أن تفشل الدولة الأفريقية في الاستجابة للتحديَين المطروحين، وتدخل في لعبة توازنات دولية غير متكافئة، تكون المحصلة فيها مزيدًا من الاستنزاف الخارجي لمواردها، واتساع نطاق الاختراق الخارجي المرتكز على استغلال هشاشة الدولة، وتوظيف العملاء الداخليين من النخب الأفريقية؛ لخدمة مصالح أطراف خارجية يأتي على رأسها الصين، وروسيا.
وبروز هاتين القوتين كلاعب رئيسي في هذا السيناريو يعتمد على انكفاء واشنطن على نفسها في ظل الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب وشعاراته الشعبوية القائمة على مبدأ الانعزال والانكفاء الداخلي.
ولعل هذا السيناريو هو الأقرب للحدوث من منظور تحليلي دون استبعاد إمكانية حدوث السيناريوهات الأخرى.