أوروبا

“أبو السلام” يشعل حربا في بريطانيا

مراقبون يحذرون من أن أعمال الشغب التي تجتاح البلاد غير مسبوقة بشموليتها وأنها بداية وشرارة لنار مقبلة قد لا تبقي ولا تذر. صحيح أن حدة أعمال الشغب تراجعت خلال الليلتين الماضيتين، لكن النار لا تزال تحت الرماد

جريمة هزت بريطانيا وهزت ضمير كل ذي ضمير سمع عنها، مراهق في الـ17 من عمره دخل الأسبوع الماضي إلى مدرسة صيفية للأطفال تعلمهم الرقص والموسيقى في ضاحية ساوثبورت الهادئة والواقعة شمال مدينة ليفربول البريطانية. كان يحمل سكين مطبخ حاداً وراح يطعن الأطفال من دون رحمة. تدخل المدرسون فطعن اثنين منهم. الضحايا ثلاث طفلات صغيرات تراوحت أعمارهن ما بين ست سنوات وتسع سنوات، و10 جرحى ما زال بعضهم بالمستشفى وفي حال خطرة.

انتشر خبر عبر الـ”سوشيال ميديا” بأن من قام بهذه الجريمة البشعة هو مسلم من طالبي اللجوء والهجرة الذين تعج بهم أوروبا وتعتبر بريطانيا جنتهم المنشودة. آلاف منهم ما زالوا ينتظرون بتّ طلباتهم باللجوء إلى المملكة المتحدة، ويسكنون في فنادق وبيوتات حكومية كسكن موقت لهم. وكانت حكومة المحافظين السابقة برئاسة ريشي سوناك حاولت ترحيلهم إلى رواندا في أفريقيا، لكن برنامج الترحيل تعثر. ورحل سوناك وجاء كير ستارمر “العمالي” الذي ألغى برنامج رواندا.

الخبر المفبرك بأن مرتكب جريمة ساوثبورت هو مهاجر مسلم أشعل أعمال شغب وتخريب استهدفت المساجد ومحال الأجانب وبيوتهم وأحياءهم وبالذات المسلمين منهم، وشملت أعمال الشغب التي ما زالت مستمرة حتى كتابة هذه المقالة جميع أنحاء إنجلترا.

عن أسباب موجة الشغب في بريطانيا

القاضي الذي مثُل المراهق المتهم أمامه أمر بالإفصاح عن اسمه للإعلام، وهو أمر نادر الحدوث بالإعلان عن أسماء المتهمين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، لكن القاضي قدّر بأن اسم المتهم يخفف ربما من حدة الاحتجاجات التخريبية، فاسمه لا يدل على أنه مسلم أبداً. واتخذت السلطات البريطانية كذلك إجراءات عاجلة لتقديم المشاغبين لمحاكمات سريعة، ووعد رئيس الوزراء ستارمر الذي كان محامياً ومدعياً عاماً بأن يتخذ القانون أشد العقوبات ضد مثيري الشغب. وهو ما تم، فجرت محاكمات سريعة لأشخاص تورطوا بأعمال العنف وحكم عليهم بالسجن مدداً متراوحة وصلت إلى ثلاث سنوات.

وألقت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر بدورها كلمة متلفزة تهدد المحتجين وترفض سلوكهم الذي يستهدف المسلمين ومساجدهم بالدرجة الأولى، وتعد بحمايتهم وتوفير خطوط اتصال ساخنة لنجدتهم حال تعرض مساجدهم لأعمال التخريب من قبل عناصر اليمين المتطرف.

بعض المسلمين البريطانيين المتطرفين صبّوا الزيت على النار، فبدلاً من التمسك بعلمانية دولتهم التي آوتهم من خوف وأطعمتهم من جوع، راحوا يتظاهرون بشعارات الدين السياسي الذي دمر بلدانهم في مواجهة العنصريين الحمقى، وهذه تصرفات استفزت بعض المحايدين البريطانيين، ولا تصب في مصلحة التعايش وجهود الحكومة بالتصدي للعنصرية ببلادهم.

ويحذر مراقبون من أن أعمال الشغب التي تجتاح البلاد غير مسبوقة بشموليتها وأنها بداية وشرارة لنار مقبلة قد لا تبقي ولا تذر. صحيح أن حدة أعمال الشغب تراجعت خلال الليلتين الماضيتين، لكن النار لا تزال تحت الرماد، وهي نار “السكة السد” كما نقول في الخليج، إذ وصل الزواج بين التعددية الثقافية والاندماج في أوروبا إلى طريق مسدود، حيث تواجه الليبرالية الديمقراطية الغربية التحدي بين دمج مجتمعات ومهاجرين لا يريدون الاندماج في المجتمعات الغربية، بل الحفاظ على ثقافاتهم التي تتعارض ممارساتها مع مبادئ الديمقراطية الغربية التي تحاول أن توفر أجواء التعددية والاندماج في آن واحد، مما تثبت الأيام يوماً بعد يوم استحالته، خصوصاً وقت الأزمات الاقتصادية التي يبحث المتضررون منها من العوام عن “كبش فداء” يعلّقون عليه أسبابها.

اتضح أن مرتكب الجريمة البشعة ضد مدرسة الأطفال مسيحي بريطاني المولد أفريقي الأصول، واسمه أكسل موقانوا روداكوبانا، والمفارقة أن اسمه الأول هو تحريف لاسم توراتي قديم هو “أبوشالوم”، أي “أبو السلام”، لكن أكسل ليس له من اسمه نصيب، فأشعل حرب شوارع وأعمال شغب عنصرية مخيفة في إنجلترا طوال الأسبوع الماضي بعد جريمته النكراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى