واشنطن ورؤيتها الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط
الإدارة الأميركية دعمت كل الجهود التي تبنت مبدأ التغيير في المنطقة، بدءاً من "الربيع العربي"، وكانت كل النتائج سلبية ولم تحقق أي هدف من اهدافها المرسومة، وذلك لكون النهج الذي اتبعته واشنطن كان غير واضح وتشوبه الكثير من علامات الحيرة والاستفهام، لذلك تسعى إدارة الرئيس جو بايدن إلى إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة، على أن تبدأ من فلسطين من خلال إعادة تنشيط سلطة محمود عباس، حتى تتمكن من إعادة حكمها وتحكمها بمدينة غزة، والانخراط بمشروع الخارطة الجديدة خلال النصف الثاني من العام الجاري
منذ اندلاع زلزال “طوفان الاقصى” والولايات المتحدة غيرت منهجها تماماً اتجاه الشرق الأوسط بصورة عامة، وذهبت إلى أكثر من ذلك حتى في تعاملها مع الكيان الاسرائيلي، بالرغم من وقوفها الجدي معه في الصراع مع حماس، إلا أنها لم تندفع تماماً مع تل أبيب، وبقيت تمسك بخيوط اللعبة من بعيد، مع الحفاظ على أوراقها في المنطقة سواءً مع دول الخليج أو العراق وباقي دول المنطقة، وانتهجت بذلك أسلوب المناورة وحفظ الأوراق، من أجل إبقاء مصالحها محفوظة من جانب مع العرب، وحماية إسرائيل من جانب آخر على ان تبقى هي “الحكم” في ملعب الشرق الأوسط وتراقب الآداء عن كثب لكل المنافسين فيها.
الإدارة الأميركية دعمت كل الجهود التي تبنت مبدأ التغيير في المنطقة، بدءاً من “الربيع العربي”، وكانت كل النتائج سلبية ولم تحقق أي هدف من اهدافها المرسومة، وذلك لكون النهج الذي اتبعته واشنطن كان غير واضح وتشوبه الكثير من علامات الحيرة والاستفهام، لذلك تسعى إدارة الرئيس جو بايدن إلى إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة، على أن تبدأ من فلسطين من خلال إعادة تنشيط سلطة محمود عباس، حتى تتمكن من إعادة حكمها وتحكمها بمدينة غزة، والانخراط بمشروع الخارطة الجديدة خلال النصف الثاني من العام الجاري، إذ أنها وجدت عدداً من المعطيات المهمة لهذه الخارطة يمكن تحقيقها على أرض الواقع في الأراضي الفلسطينية.
كانت المحاولات التي قامت بها الولايات المتحدة بجهودها الرامية لتحويل الشرق الأوسط واضحة للغاية، والتي كانت فاشلة بكل المقاييس لأنها لم تحقق الأهداف الرامية من التغيير “الجيوسياسي”، لذلك حتى هذه التحركات أثارت جدلاً كبيراً حول غاية واشنطن من كل هذا التحرك وماذا تريد، وما إذا كان ينبغي لها أن تغادر الشرق الأوسط أو أن تبقى مرتكزة فيه؟!
بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، تبنت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن مبدأ “الديمقراطية”، والطي تدعو إلى محاربة الإرهاب والتطرف، وقد بذلت في هذا الاتجاه جهوداً كبيرة، وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، حيث ساعدت على تخليص العراقيين من النظام السابق، وإعادة تشكيل المجتمع العراقي وفق هذه الديمقراطية، ولكنها بالرغم من عدم تطبيقها لهذه المعايير، واصطدامها بالركائز النفسية والايدلوجية للمجتمع العراقي، إلا أنها لم تستطع فرض رؤيتها وإرداتها على العراق وشعبه، وظلت تراوح مكانها في هذا السياق، وتحرك الأدوات الداخلية كالمنظمات الإنسانية أو غير الحكومية في ترسيخ مفاهيم الديمقراطية في العراق، ونفس الجهود بذلت كذلك من أجل بناء دولة فلسطينية، استندت على أساس فكرة “أن تحقيق أي سلام ينبغي أن يكون من خلال الإصلاح السياسي الديمقراطي”.
الأمر نفسه مورس مع إيران من خلال الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس باراك أوباما، والذي كان المقصود منه تعزيز شراكة طهران في المنطقة ومحاولة تحويل الشرق الأوسط إلى وجه آخر يمكن من خلاله لإيران أن تمارس سياستها وتقاسم السلطة في المنطقة، وقد فشلت واشنطن تماماً في هذا التوجه، عندما أرادت أن يكون منطق القوة هو السائد في تغيير المنطقة، لذلك من الأفضل لإدارة بايدن تجنب أي جهد يسمح باستخدام القوة فيها، واللجوء إلى منطق القوة في فرض إرادة أخرى على الفلسطينيين، بل من الافضل أن تسعى واشنطن إلى تحييد الكيان الإسرائيلي عن أي مواجهة مقبلة في الشرق الأوسط، والذهاب إلى تنسيق الأدوار مع اللاعبين الأساس فيها، وأي جهود تبذلها واشنطن في تقريب وجهات النظر بين الكيان الإسرائيلي والفلسطينيين ستفشل تماماً، لأنَّ الموقف الحقيقي سيكون للميدان لا محال.