ملف الرهائن “يعمّق الانقسام” بين المواطنين والحكومة في إسرائيل
أصبحت الحاجة لحل ملف المختطفين لدى حركة حماس ملحة أكثر في الشارع الإسرائيلي، الذي يطالب بإرجاع المتبقين سالمين، ويضغط من أجل ذلك على الحكومة، التي تصر من جانبها، على المضي قدما في حربها بقطاع غزة، خاصة بعد تأكيد وفاة 4 رهائن إسرائيليين آخرين، الاثنين الماضي.
وكشفت استطلاعات رأي متتالية، تتعلق برؤية الشارع الإسرائيلي لملف المختطفين، أن هناك “انقساما حادا” بين المواطنين والحكومة، حول أولوية استرجاع الرهائن، وفق تحليل لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.
أولوية الشارع
تشير نتائج تلك الاستطلاعات، إلى أن غالبية الجمهور الإسرائيلي تسعى بشكل محموم إلى إعادة الرهائن إلى وطنهم “كأولوية وطنية، ويبدو أن التزامهم ينمو مع مرور الوقت”، كما يقول التحليل.
وفي يناير، سأل معهد الديمقراطية الإسرائيلي المشاركين في استطلاعه، عما إذا كان إطلاق سراح الرهائن أو “القضاء” على حماس يمثل الأولوية القصوى بالنسبة إليهم.
وقال 51 في المائة إن الأولوية بالنسبة لهم هي إنقاذ الرهائن، في حين اختار ما يزيد قليلاً على الثلث الإطاحة بحماس.
وفي استطلاع آخر أجرته مجموعة الأبحاث الأكاديمية aChord في أبريل، اختار المشاركون عودة الرهائن كأولوية قصوى بفارق كبير عن أية قضية أخرى.
وتساءل استطلاع أجرته هيئة الإذاعة العامة “كان” في أواخر أبريل، عن اتفاق للإفراج عن 30 رهينة فقط، مقابل وقف إطلاق النار لمدة 40 يوما والإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين. وقد أيد ذلك 54 بالمئة من الإسرائيليين؛ بينما عارضه ربعهم فقط.
وبحلول أواخر مايو، أظهر استطلاع للرأي أجراه البرنامج الإخباري للقناة 12، أن 64 بالمئة من الإسرائيليين المستجوبين يعتقدون أن إطلاق سراح الرهائن هو الهدف الأول لإسرائيل في هذه المرحلة من الحرب، أي أكثر من ضعف عدد الذين قالوا إن الهدف الأسمى هو هزيمة حماس (30 بالمئة).
استطلاع “كان” السالف ذكره، سأل المستجوبين عن مواقفهم من خطة أبعد، تتمثل في إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، مقابل نهاية كاملة للحرب، وإطلاق إسرائيل سراح آلاف السجناء الفلسطينيين.
وأيد هذه الخطة 47 بالمئة من المستجوبين؛ ورفضها ما يقل قليلاً عن الثلث (32 بالمئة). ولم يعط خمس الجمهور الإسرائيلي أي إجابة.
والسبت، تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب، للمطالبة بقبول مقترح وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، مع تخوّف الكثيرين من أن يتنصل منه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
ورفع المتظاهرون الأعلام الإسرائيلية والأميركية في الساحة المركزية، التي أطلقوا عليها تسمية “ساحة الرهائن”، إلى جانب لافتات كُتب عليها “أعيدوهم إلى الوطن!”.
وقالت المتظاهرة أبيغيل زور (34 عاما) للوكالة الفرنسية: “بايدن هو أملنا الوحيد”.
وأعلن بايدن، الجمعة، أن إسرائيل عرضت “خريطة طريق” جديدة نحو سلام دائم في غزة من 3 مراحل، لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار وتحرير الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وأعرب متظاهرون للوكالة عن خشيتهم من أن يتنصل نتنياهو من الاتفاق. وقالت كارن، وهي متظاهرة خمسينية: “بايدن يهتم برهائننا أكثر من نتنياهو”.
وحمل متظاهرون لافتة كبيرة كتب عليها “بايدن، أنقذهم من نتنياهو”.
واعتبرت المتظاهرة ديتي كابوانو (46 عاما)، أن نتنياهو “قلق على مستقبله السياسي أكثر مما هو قلق بشأن الرهائن”.
وتابعت: “آمل أن يمارس بايدن بطريقة أو بأخرى ضغطا كافيا لتقبل الحكومة ونتنياهو الاتفاق”.
بدوره، قال “منتدى عائلات الرهائن والمفقودين” في بيان: “في ضوء خطاب الرئيس بايدن، سنطالب الحكومة الإسرائيلية بالموافقة الفورية على اتفاق إطلاق سراح الرهائن وإعادة جميع الرهائن إلى الوطن دفعة واحدة”.
موقف الحكومة
في مقابل تلك المواقف، أكد نتنياهو، السبت، تمسّك حكومته بـ”القضاء” على حماس قبل أي وقف دائم لإطلاق النار، مشيرا إلى أن هذا الشرط مدرج في مقترح إسرائيل الذي أعلنه بايدن.
وقال في بيان: “شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتبدل: القضاء على قدرات حماس العسكرية وعلى الحكم، وتحرير كل الرهائن وضمان أن غزة لم تعد تشكل تهديدا لإسرائيل”.
من جانبها، قالت حماس، ليل الجمعة السبت، إنها “تنظر بإيجابية” إلى ما تضمنه خطاب الرئيس الأميركي “من دعوته لوقف إطلاق نار دائم، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وإعادة الإعمار، وتبادل للأسرى”.
وأظهر إحصاء حكومي، الثلاثاء، أن إسرائيل تعتقد أن أكثر من ثلث الرهائن المتبقين في قطاع غزة لقوا حتفهم، وذلك في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعزيز جهود استعادة الرهائن بموجب مقترح لإنهاء الحرب مع حركة حماس.
ومن بين نحو 250 شخصا اقتادهم مسلحون فلسطينيين إلى قطاع غزة خلال هجوم قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر وأشعل فتيل الحرب، تم إطلاق سراح العشرات في هدنة في نوفمبر. واستعادت القوات الإسرائيلية آخرين سواء أحياء أو ممن لقوا حتفهم.
ووفقا للإحصاء الحكومي، لا يزال هناك 120 محتجزا، وأعلن مسؤولون إسرائيليون وفاة 43 منهم دون استعادة جثثهم بناء على معلومات من مصادر مختلفة، بما في ذلك معلومات مخابرات وكاميرات مراقبة أو مقاطع فيديو التقطها مارة وتحليلات للأدلة.
وقال بعض المسؤولين في تعليقات خاصة، إن عدد القتلى قد يكون أعلى.
وبعد أن هددت حماس في بداية الحرب بإعدام الرهائن ردا على الغارات الجوية الإسرائيلية، قالت إن الهجمات تسببت في مقتل رهائن.
تحديات
داخليا، يواجه نتنياهو تحديات كبيرة داخل حكومة الوحدة التي شكلها بعد أقل من أسبوع من هجمات حماس في السابع من أكتوبر، إذ يواجه اعتراضات من قبل الحلفاء والمعارضين على حد سواء.
وتعهد وزراء من اليمين المتطرف، بالانسحاب من الحكومة إذا وافق نتنياهو على الصفقة التي قال بايدن إنها “اقتراح إسرائيلي”.
وهددت الأحزاب الدينية بسحب دعمها من الائتلاف على خلفية أحكام قضائية متوقع صدورها خلال أيام، والتي قد تلغي الإعفاء من الخدمة العسكرية الممنوح للشباب اليهود المتشددين “الحريديم”، منذ فترة طويلة.
وطالب يوآف غالانت، وزير الدفاع من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، رئيس الوزراء بـ”الالتزام علنا بتجنب الاحتلال الإسرائيلي لغزة إلى أجل غير مسمى”.
وتقول صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، إن التحدي الأكثر إلحاحا يأتي من بيني غانتس، زعيم المعارضة الذي يعد إلى جانب نتنياهو وغالانت، أحد الأعضاء الثلاثة الذين لهم حق التصويت في حكومة الحرب.
وتضم حكومة الحرب في إسرائيل 5 أعضاء، أبرزهم نتنياهو وغانتس وغالانت وغادي آيزنكوت.
ووافق غانتس، وهو خصم نتنياهو السياسي، ووزير الدفاع السابق، على الانضمام إلى “حكومة الحرب” بعد هجوم السابع من أكتوبر.
كما انتقدت المعارضة تعاطي الائتلاف الحكومي مع الحرب، داعيا إلى إعادة المختطفين لدى إلى ديارهم في أسرع وقت.
وفي هذا الصدد، تعهد زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، بتوفير “شبكة أمان” لنتنياهو في حال أعلن أعضاء اليمين المتطرف الانسحاب من الائتلاف الحكومي، وبالتالي انهيار الحكومة، إذا قرر المضي قدما بصفقة الرهائن.