الرقائق شريان الحياة للاقتصاد الحديث، وهي لبنات أساسية لجميع أنواع التكنولوجيا الاستهلاكية والعسكرية وأحد نقاط التوتر بين واشنطن وبكين. ويحظى قانون الرقائق بدعم واسع النطاق قياساً إلى مبادرات بايدن الأخرى في السياسة الصناعية.
وتسابق إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الزمن لإتمام اتفاقيات بموجب قانون الرقائق الإلكترونية مع شركات مثل “إنتل” و”سامسونج إليكترونيكس” بهدف تدعيم إحدى مبادراتها الرئيسية قبل أن يدخل الرئيس المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض. حسب «الشرق».
◄ قانون الرقائق
خصصت وزارة التجارة بالفعل أكثر من 90% من المنح التي تبلغ قيمتها 39 مليار دولار بموجب قانون الرقائق والعلوم لعام 2022، وهو قانون مفصلي يهدف إلى إعادة بناء صناعة الرقائق المحلية، لكنها لم تعلن سوى عن اتفاقية ملزمة واحدة حتى الآن.
الشهران المقبلان حاسمان بالنسبة لأكثر من 20 شركة لا تزال في مرحلة المفاوضات. وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن بعض هذه الشركات، بما في ذلك “تايوان سيميكوندكتور مانيوفاكتشرينج” TSMC، و”جلوبال فاوندريز”، أنهت مفاوضاتها وتتوقع إعلان الاتفاق النهائي قريباً.
◄ السياسة الصناعية
لكن شركات أخرى -مثل “إنتل” و”سامسونج” و”ميكرون تكنولوجي”، ما زالت تعمل على حسم بعض التفاصيل الجوهرية في عقودها، وفقاً لأشخاص آخرين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأن المحادثات غير معلنة.
وسعى المسؤولون على مدى فترة طويلة إلى إتمام أكبر عدد ممكن من الصفقات بحلول نهاية عام 2024، مما يسمح ببدء تدفق الأموال على الشركات التي تحقق إنجازات محددة.
وأضفى فوز ترمب الآن على الموقف طابعاً من التعجل لأن فريق بايدن يريد عزل مبادراته بشأن السياسة الصناعية عن الصراعات الحزبية. وتريد شركات صناعة الرقائق كذلك تجنب إعادة التفاوض على بنود الاتفاقات مع الإدارة الجديدة.
◄ رسوم جمركية
قانون الرقائق، الذي يتضمن قروضاً بمليارات الدولارات وإعفاءات ضريبية بنسبة 25% بالإضافة إلى المنح، شجع الشركات على التعهد بإنفاق نحو 400 مليار دولار لإنشاء مصانع بالولايات المتحدة.
وترى الإدارة الديمقراطية أن البرنامج الذي وافق عليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي أحد إنجازاتها الرئيسية، لكن الرئيس المنتخب وحلفاءه هاجموا القانون في الآونة الأخيرة.
في الشهر الماضي، انتقد ترمب المبادرة ووصفها بأنها “سيئة للغاية”، وأشار إلى أن فرض رسوم جمركية سيكون حلاً أفضل.
اقرأ أيضا| وسط مخاوف احتكارية.. آبل تستحوذ على تطبيق شهير
بعد ذلك قال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون إن حزبه سيسعى إلى “إصلاح” هذا القانون، في تراجع عن تصريحات سابقة بأن الجمهوريين سيسعون “على الأرجح” إلى إلغائه.
لم يوضح معسكر ترمب موقفه من هذه القضية منذ الانتخابات، وإن كان هناك توافق عام بين جماعات الضغط في القطاع على أن قانون الرقائق سيبقى على حاله إلى حد كبير.
◄ اللوائح الفيدرالية
على أي حال، كانت إدارة ترمب الأولى هي التي توددت إلى شركة TSMC، الرائدة عالمياً في تصنيع الرقائق، لبناء مصانع في ولاية أريزونا.
وستجبر اللوائح الفيدرالية أيضاً إدارته الثانية على إنفاق أموال قانون الرقائق التي اعتمدها الكونجرس الأميركي، والتي تشمل مبلغ الـ39 مليار دولار بالكامل للمنح المباشرة حتى نهاية السنة المالية 2026.
يقول الحزبان إن إنتاج أشباه الموصلات محلياً أحد أولويات الأمن القومي، لا سيما في ضوء احتمال غزو الصين لتايوان، قلب الصناعة.
قال سوجاي شيفاكومار من “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” للأبحاث في واشنطن: “واضح أن الانتخابات لم تغير التحدي الجيوسياسي الأساسي مع الصين”.
لكن الجمهوريين قد يسعون إلى تجريد قانون الرقائق مما يعتبرونها مجرد أولويات اجتماعية، مثل اشتراط وجود مرافق رعاية للأطفال أو التوقعات بأن تتشاور الشركات مع النقابات العمالية المحلية وتعمل على الحد من التأثير البيئي لمصانعها.
◄ الاشتراطات البيئية
وقال مساعد في الحزب الجمهوري إن الموظفين الجمهوريين في الكونجرس يخوضون بالفعل مناقشات جادة حول السعي في هذه الإصلاحات في إطار عملية التوافق حول الميزانية العام المقبل، إذا سيطر الحزب على مجلسي الكونجرس. (حصل الجمهوريون بالفعل على الأغلبية في مجلس الشيوخ. أما مجلس النواب فلم يُحسم بعد).
وأفادت “بلومبرغ” بأن مايك جونسون يدرس على وجه التحديد تخفيض الاشتراطات البيئية بما يتجاوز الإعفاءات الحالية من التصاريح. على الجانب الآخر، تخطط جماعات الضغط في القطاع للضغط من أجل زيادة الاعتمادات الضريبية في الوقت الذي يستعد فيه الكونجرس لإجراء محادثات ضريبية حاسمة العام المقبل، حسبما قال أشخاص مطلعون.
◄ تغيير السيطرة
قلق الشركات لا ينبع من أن إصلاحات الجمهوريين قد تغيّر من أرقام الدعم التي تحصل عليها، وإنما من أنها ستتسبب في تأخير التمويل لفترة أطول، وهي أموال يشعر بعض المسؤولين التنفيذيين في القطاع بالفعل أن الحصول عليها استغرق وقتاً أطول من اللازم.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن عدداً من المشاريع قد استوفت المعايير الأولية، مما يعني إمكانية صرف الشريحة الأولى من الأموال بمجرد توقيع العقود.
بالنسبة لشركة إنتل، تتوقف المحادثات جزئياً على ما يُسمى بأحكام تغيير السيطرة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وتوضح هذه البنود ما سيحدث إذا فصلت الشركة أنشطة التصنيع أو تم الاستحواذ عليها كلياً أو جزئياً.
هذا موضوع حساس في وقت تواجه فيه شركة صناعة الرقائق الإلكترونية تحديات مالية مفزعة. وأوردت وكالة “بلومبرغ” ووسائل إعلامية أخرى أن شركات أشباه الموصلات الأخرى إما أعدّت بالفعل أو تدرس عرضاً للاستحواذ على “إنتل” أو جزء منها.
وتعهد الرئيس التنفيذي بات جيلسنجر بالحفاظ على وحدة الشركة، وقالت إنتل في بيان إنها ستواصل العمل مع إدارة بايدن لوضع اللمسات الأخيرة على المنحة الخاصة بها.