قد يتساءل الكثيرون من الفلسطينيين وغيرهم: إلى متى يا ترى تستمر هذه الحروب الإبادية الصهيونية ضد الفلسطينيين نساءا واطفالا وشبانا وشيبا…!
والى متى نتابع هذا المشهد الفلسطيني المتخم بالمجازر والشهداء والجرحى والمعتقلين وكذلك بالجرافات الصهيونية التي لا تتوقف عن اعمال الهدم والتجريف….؟!
الى متى تستمر المشاهد الفلسطينية المروعة…؟!
وما الهدف الصهيوني الحقيقي من وراء هولوكوست غزة الجاري بالبث الحي والمباشر ….!؟
على ضوء ما يجري في غزة من حرب صهيونية إبادية ضد شعب كامل، ومن تدمير شامل ومحو كامل عن وجه الارض لأحياء كاملة وتهديمها على رؤوس ساكنيها في كافة مدن وبلدات وقرى قطاع غزة، يمكننا ان نوثق في الجوهر وفي الصميم، اننا أمام أكثر من ستة وسبعين عاما من سياسات التطهير العرقي وجرائم الحرب الصهيونية المفتوحة في فلسطين، ولم يحرك العالم ساكنا، و”لم يظهر العين الحمرا كما يظهرها في أماكن أخرى، “ولم تتحرك العدل الدولية أو الجنائية الدولية أبدا، فأين إذن المحكمتين العدل والجنائية الدوليتين عن محاسبة وعقاب”اسرائيل الارهابية المجرمة ومجرمي الحرب الصهاينة…؟!
والحقيقة الكبرى في المشهد أن انتهاء الحملة الحربية الصهيونية الحالية في غزة إن قريبا أو بعيدا ما هي إلا هدنة تكتيكية ربما تطول أو تقصر، ولكنها ليست نهاية للصراع والحروب المفتوحة مع الكيان، فالدولة الصهيونية مشغولة –لا تنام- بقضاياها الاستراتيجية-الوجودية، إن على مستوى الاستيطان والتهويد واختطاف الارض والتاريخ وتزييف الرواية، وإن على مستوى الجبهات الاخرى ضد الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تنشغل فيه بحسابات البقاء والحروب المفتوحة مع الفلسطينيين والامة العربية…ّ
ومثل هذا الاستخلاص ليس عبثيا او ضربة مندل، فتلك الدولة تتبنى منذ اختراعها ونشأتها استراتيجيات حربية إبادية مجازية ضد الفلسطينيين والعرب، وفي مقدمتها استراتيجية “الحرب اولا ودائما”، كما جاء في تقرير صدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار العدد رقم 42 من سلسلة “أوراق إسرائيلية” حمل عنوان “الحرب أولاً ودائمًا”، وشارك في اعداده عشرات الضباط والخبراء العسكريين الذي عقدوا اللقاءات التقويمية الاستخلاصية بعد هزيمة جيشهم في لبنان، واجمعوا على استراتيجية الحرب فقط مع العرب، باعتبارها دائما المخرج لهم، وتشمل هذه الورقة تفصيلات الخطة الاستراتجية للجيش الإسرائيلي، المسماة “خطة تيفن”..
تتلبس الدولة الصهيونية والمجتمع الصهيوني ما يمكن ان نطلق عليه حالة”جنون الحروب والقتل”، ولكنه على خلاف اي جنون قد يخطر بالبال، فهو جنون مدجج بالفكر والايديولوجيا والادبيات العنصرية الارهابية.
فهاهو افيغدور بيغن حفيد مناحيم بيغن يعلن في مقابلة اجرتها معه صحيفة “يديعوت احرونوت قائلا:”تتدفق في عروقنا جميعا دماء قتلة”.
الى ذلك فان متابعة حثيثة للخريطة السياسية –العسكرية-الامنية الاسرائيلية تشير الى انهم في”اسرائيل” من ساسة وجنرالات وباحثين وخبراء يجمعون على خيار الحرب دائما، بل انهم يتبنون استراتيجية الحرب المفتوحة.
وفي صميم هذا الاستخلاص أشار عامي أيالون احد الرؤساء السابقين للشاباك الاسرائيلي في مقالة مع صحيفة هآرتس 2024/1/10 إلى حروب إسرائيل في القرن الحالي ويرى أن “الحرب من أجل إقامة إسرائيل والدفاع عنها مستمرة منذ نحو 140 عاما، منذ ظهور الصهاينة الأوائل في نهاية الـ19″ والحرب مستمرة بكثافة متفاوتة، ولها عمليات ومعارك وأنظمة، لذلك، حسب قوله، فإن ما يحدث في الأشهر الثلاثة الأخيرة “ليس حرباً، بل حملة أخرى في الحرب المستمرة من أجل استقلالنا”.
كما كتب المحلل العسكري الكبير لديهم ايتان هابر(مدير مكتب رابين سابقا)في يديعوت تحت عنوان:”حرب واحدة طويلة يثبت:”التجربة الاسرائيلية تدل على ان اسرائيل في حالة حرب واحدة طويلة منذ 1948 (وهناك من يبدأ العد قبل ذلك ايضا)، وفقط اسماؤها تتغير، ولما كانت هذه حربا واحدة طويلة”.
وفي هذا السياق ايضا قال قائد سلاح الجو السابق الجنرال احتياط أمير أيشل في كلمته التي ألقاها خلال مؤتمر لكبار رجال الأعمال في جامعة حيفا “أن اسرائيل تعمل في يومنا هذا وفقا لاستراتيجية جديدة ، ألا وهي استراتيجية الحرب المتواصلة، حيث أن هذه الاستراتيجية تتميز بالكثير من السمات والمواصفات ، كما أنها تقضي بضرورة الاستمرار في تنفيذ العمليات المضادة دون تحمل المسؤولية-2018-06-11”.
وتحت عنوان “سلاح يوم الدين”.. كتب جدعون ليفي في هآرتس يقول:”مرة كل بضعة اسابيع ينبغي القاء الرعب في القلوب، مرة كل بضعة اشهر ينبغي نثر التهديدات، ومرة كل سنة او سنتين ينبغي الخروج الى حرب صغيرة اخرى، تعاون اعمى وبشع بين جهاز الامن ووسائل الاعلام يضمن جولة اخرى”، ويضيف:”يقولون ان الحرب لا بد ستأتي، ربما في الشهر القادم”، ويستخلص ليفي:”في القيادة الامنية لا يسألون اذا كانت ستقع مواجهة عسكرية اخرى– بل متى”، مرة اخرى يكتب بذاته كليشيه الحرب القادمة”.
الكاتبة الإسرائيلية”أوريت دغاني”قرأت سيكولوجيا الاسرائيلييين وكثفت الخلاصة في”معاريف”قائلة:”أن الإسرائيليين يندفعون للحرب لأنهم يكرهون السلام، ويعتبرون أن القوة هي الخيار الوحيد لتحقيق الأهداف ليس فقط هذا بل إن الحروب تجري في عروقنا مجرى الدم”.
ولذلك، وحسب الرسم البياني الاسرائيلي، فان وقت وتوقيت هذه الحروب مفتوح، فهناك في فلسطين جبهة مشتعلة ومرشحة لمزيد من التصعيد دائما نظرا لمخططات الاحتلال الابادية للحقوق الفلسطينية المتآكلة، وهناك في لبنان حساب مفتوح بين”اسرائيل”وحزب الله…؟!.
وهناك في الافق الاقليمي حروب اسرائيلية-امريكية متنقلة ما بين سوريا والعراق ولبنان واليمن وابعد من ذلك…؟!