مرّ أكثر من عام على تبادل القصف المدمر بين حزب الله وإسرائيل، إلا أن هذا النزاع لم يكن مجرد سلسلة من الهجمات العسكرية، بل كان بمثابة زلزال اقتصادي وإنساني أحدث شروخًا عميقة في نسيج لبنان السياسي والاجتماعي، وخلّف تداعيات لا تُحتسب فقط بالأرواح، بل أيضًا بالقيمة المالية التي فاقت 5 مليارات دولار، حسب ما أعلن البنك الدولي في تقريره الأخير.
كان عام 2023 هو الفصل الأكثر دموية في هذا النزاع، والذي بدأ بتبادل عسكري على الحدود الجنوبية للبنان، ثم تطوّر ليأخذ منحى حرب مفتوحة مع الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في أكتوبر من نفس العام، ما أدى إلى توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان.
وأشار تقرير البنك الدولي الذي يغطّي الفترة من 8 أكتوبر 2023 إلى 27 أكتوبر 2024 إلى أن النزاع تسبب في خسائر اقتصادية تُقدر بحوالي 5.1 مليار دولار، في قطاعات حيوية مثل التجارة، والسياحة، والضيافة، والزراعة، لم يكن هذا النزاع مجرد تداعيات لقتال عسكري، بل أثّر بشكل غير مباشر على الاقتصاد اللبناني، الذي يعاني أصلًا من أزمة اقتصادية خانقة منذ عام 2019، فعلى الرغم من محاولات لبنان التعافي من انهيار عملته الوطنية وارتفاع معدلات الفقر، فإن هذا النزاع أضاف عبئًا إضافيًا على الاقتصاد المتأزم.
اقرأ أيضا.. حكايات حزينة للاجئين سودانيين فروا من جحيم الحرب
خسائر اقتصادية ضخمة
ومنذ بداية النزاع، تضررت حوالي 99,209 وحدات سكنية، وفقًا لتقرير البنك الدولي، وقدرت قيمة الأضرار في قطاع الإسكان بحوالي 3.4 مليار دولار، مع تدمير كامل لـ18% من هذه الوحدات، الجزء الأكبر من الأضرار كان في المناطق الحدودية الجنوبية التي تعرضت لقصف مكثف من قبل القوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، هذه المناطق التي كانت تمثل في السابق نموذجًا جزئيًا للقدرة على التعافي الاقتصادي، تحولت الآن إلى بؤر تدميرية تصعب إعادة بنائها دون مساعدة دولية واسعة النطاق.
لا تقتصر الخسائر الاقتصادية على البنية التحتية فقط، بل تتعداها إلى قطاعات حيوية تأثرت بشكل بالغ. فمن بين القطاعات الأكثر تضررًا، كان قطاع السياحة الذي يعاني من أزمة مستدامة نتيجة الحروب المستمرة وتدهور الأوضاع الأمنية، تقدر التقارير أن السياحة اللبنانية التي كانت تمثل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي قد تراجعت بشكل حاد، بفعل المخاوف الأمنية من القصف المستمر. كذلك، فالتجارة التي كانت تعتمد على التجارة البرية والبحرية بين لبنان والدول المجاورة قد تعطلت بشكل كبير، ما أثر سلبًا على الاقتصاد المحلي وأدى إلى ارتفاع الأسعار ونقص المواد الأساسية.
وكانت التداعيات الإنسانية أكثر فداحة، فقد خلف القصف المستمر مئات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، بما في ذلك هجمات على منشآت طبية ومراكز إسعافية في بعلبك، على سبيل المثال، أسفرت غارة جوية إسرائيلية عن مقتل 12 شخصًا، بينهم 8 من رجال الدفاع المدني، إضافة إلى ثلاث إصابات خطيرة، في هجوم يعتبر الثاني من نوعه خلال ساعات، هذه الهجمات التي استهدفت المدنيين لم تقتصر على لبنان فقط، بل شملت أيضًا مناطق في سوريا المجاورة، حيث قُتل 20 شخصًا في غارات إسرائيلية استهدفت مناطق دمشق وضواحيها، مما يزيد من تعقيد المشهد الإنساني في المنطقة.
موجات نزوح واسعة
ترافق هذا التصعيد العسكري مع موجات نزوح واسعة، حيث فرّ الآلاف من اللبنانيين إلى مناطق أكثر أمانًا، بينما تواجه إسرائيل مطالبات بإعادة نحو 60,000 نازح إلى مناطقهم في شمال الدولة العبرية بعد إعلانها عن احتياجها للسيطرة على المناطق المحاذية للحدود بهدف وقف هجمات حزب الله، هذا النزوح الجماعي، الذي أثر بشكل مباشر على قدرة لبنان على استيعاب الأعداد الكبيرة من النازحين، قد يفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة في لبنان، خاصة أن الوضع الحالي يعاني من نقص حاد في الموارد الصحية والإنسانية.
وإذا كان النزاع العسكري قد فرض نفسه كواقع يومي على الحدود اللبنانية، فإن الآثار السياسية لهذا التصعيد أكثر تعقيدًا، فمع غياب محاكمات حقيقية للمسؤولين عن تدمير البنية التحتية وتسبّب في مقتل المدنيين، تبدو القضية الحقوقية في هذا النزاع مجهولة المعالم. في ظل غياب المحاسبة الدولية، تتواصل الانتهاكات الجسيمة التي لا تجد آذانًا مصغية على المستوى العالمي، بل إن الردود الدولية على هجمات إسرائيل، بما في ذلك القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت، كانت محدودة، مع اعتراضات أمريكية على استهداف مناطق ذات كثافة سكانية عالية، ولكن دون اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف التصعيد.
من جهة أخرى، كان للبنك الدولي موقف حاسم بشأن التأثيرات الاقتصادية للنزاع على لبنان، إذ أشار إلى أن الخسائر الاقتصادية الناتجة عن هذا الصراع قد تسببت في تقليص نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي للبنان بنسبة لا تقل عن 6.6% لعام 2024، كما وصف البنك الدولي هذه الخسائر بأنها تفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها لبنان منذ عام 2019، حيث شهدت البلاد سلسلة من الانهيارات الاقتصادية التي أضعفت العملة الوطنية وزادت من معدلات الفقر. الفقر في لبنان ارتفع ليشمل حوالي 80% من السكان، حيث يعيش نحو 3.5 مليون شخص تحت خط الفقر، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
هذه الأرقام تبين حجم الكارثة التي يعاني منها لبنان، وتطرح تساؤلات عديدة حول مسؤولية الأطراف المتصارعة في تقويض الاقتصاد اللبناني وحياة المدنيين، حيث يُحتمل أن تكون التداعيات الاقتصادية والنزاع العسكري المستمر قد تسببت في فقدان لبنان ما يعادل 15 عامًا من النمو الاقتصادي في غضون عام واحد فقط.
بالنظر إلى كل هذه المعطيات، يرى مراقبون أن الحاجة تزداد إلى تدخل دولي فعّال لحماية المدنيين اللبنانيين وضمان تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لهم، بما يتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية، صحيح أن لبنان يعاني من أزمات متعددة، ولكن استمرار هذه الحروب دون مساءلة دولية أو حماية حقيقية للمدنيين سيؤدي إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي.
خسائر لبنان بين 2006 و2023
ويعد النزاع بين إسرائيل وحزب الله أحد أطول وأعقد النزاعات في الشرق الأوسط، وقد مر بتطورات حاسمة منذ نشأته حتى اليوم، بدأت أولى المواجهات بين الطرفين بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000، حين أصبحت الحدود اللبنانية الإسرائيلية مشتعلة بين الحين والآخر، حيث كانت إسرائيل تعتبر حزب الله تهديدًا كبيرًا أمنياً بسبب أنشطته العسكرية المدعومة من إيران وسوريا.
لكن التصعيد الكبير حدث في عام 2006، حيث وقعت حرب يوليو، التي بدأت في 12 يوليو 2006 عندما اختطف حزب الله جنديين إسرائيليين في عملية عسكرية عبر الحدود اللبنانية، هذا الهجوم دفع إسرائيل إلى إطلاق عملية “العدالة المتنقلة” ضد حزب الله، فشنت سلسلة من الغارات الجوية والبرية على لبنان استمرت لمدة 34 يومًا.
استهدفت الغارات الإسرائيلية مناطق مدنية في لبنان إلى جانب المواقع العسكرية لحزب الله، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، أسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 1,200 لبناني، أغلبهم من المدنيين، إضافة إلى إصابة حوالي 4,000 آخرين، كما تم تدمير حوالي 15,000 منزل، وتسبب النزاع في نزوح أكثر من 1 مليون لبناني داخل البلاد. وفي الجانب الإسرائيلي، أسفر القصف عن مقتل 160 شخصًا، أغلبهم من المدنيين، بالإضافة إلى أكثر من 6,000 جريح.
القتال في 2006 كان له تداعيات اقتصادية كبيرة على لبنان، حيث قدر البنك الدولي الخسائر الاقتصادية بنحو 2.8 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي للبنان في تلك الفترة، كما تسببت الحرب في تدمير كبير للبنية التحتية، خاصة في قطاع الكهرباء والمياه، ما دفع الاقتصاد اللبناني إلى الانكماش بصورة حادة في السنوات التي تلت الحرب.
في السنوات التي تلت حرب 2006، استمر النزاع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بشكل غير متواصل. حيث شهدت المنطقة تصعيدات طفيفة بين الحين والآخر، مثل إطلاق صواريخ من قبل حزب الله على الأراضي الإسرائيلية، مع ردود فعل عسكرية إسرائيلية على مواقع الحزب في لبنان، لم تكن هذه الاشتباكات تقترب من مستوى التدمير الذي خلفته حرب 2006، لكنها ساهمت في استنزاف موارد لبنان وتعقيد الوضع السياسي والأمني في البلاد.
تجدد النزاع بشكل كبير في أكتوبر 2023 بعد تصاعد العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل إثر الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في بداية الشهر ذاته. وأكد البنك الدولي في تقرير صدر في أكتوبر 2024 أن لبنان تكبد خسائر اقتصادية مباشرة تجاوزت 5 مليارات دولار، حيث تضررت حوالي 99,209 وحدات سكنية في مختلف المناطق اللبنانية، وكانت 18% من هذه المنازل قد دُمرت بالكامل.
خسائر إنسانية واقتصادية
وتحدث من لبنان طبيب الأطفال رامي سعيد، ساردًا معاناة بلاده وأهلها بقوله، إن خسارة لبنان الاقتصادية نتيجة الحرب الأخيرة هي واقع أليم يؤكد حجم المعاناة التي يعانيها الشعب اللبناني، لبنان لم يكن في وضع مثالي قبل اندلاع الحرب، بل كان يعاني من أزمات خانقة على مستويات عديدة، لكن هذه الحرب كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، لا أستطيع أن أنكر أن هذه الخسائر تأتي في سياق عدوان إسرائيلي متكرر لا يمكن تجاهله.وأضاف سعيد، في تصريحات لـ”جسور بوست”، أنه لم يكن لبنان يوماً بعيداً عن الخلافات الداخلية التي ساهمت في ضعف بنيته الاقتصادية، كما أن القصف المستمر والضربات الجوية التي استهدفت المنشآت الحيوية والبنية التحتية لم تترك مجالاً للمواطنين للعيش بشكل طبيعي، منازلنا دُمّرت، أرزاقنا تعطلت، وأحلامنا سُحقت تحت أكوام الحطام، ليس فقط أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة هم من تأثروا، بل أيضاً القطاعات الكبرى مثل السياحة والصناعة والزراعة التي كانت تشكل أساس الاقتصاد اللبناني، ليس سراً أن لبنان يعتمد بشكل كبير على هذه القطاعات لتأمين دخل الدولة والنهوض بمستوى معيشة المواطن.
وتابع أن ما يحز في القلب أكثر هو أن هذه الخسائر ليست مجرد أرقام في تقارير البنك الدولي، بل هي دماء وأرواح من فقدوا حياتهم، وأناس بسطاء فقدوا وظائفهم، وأسر هُجرت من بيوتها، الجراح ليست فقط مادية بل نفسية أيضاً، هل يعقل أن نكون في بلد كان يشكل وجهة سياحية عالمية، لكن اليوم أصبحت المدن فارغة وتفتقد للحياة الطبيعية؟ هل يعقل أن تحارب إسرائيل لبنان وتستهدف كل شيء فيه، بينما نرى أن بلادنا تغرق في صمت سياسي داخلي؟ من يتحمل المسؤولية؟ من يحمينا من هذه الحروب المتجددة؟
وأضاف سعيد، أن النقاش حول المسؤولية يظل محيرًا من جهة، نحن نعلم أن إسرائيل هي المعتدية، وأنها تستهدف بشكل مباشر المدنيين والمناطق المدنية في لبنان لكن من جهة أخرى، ليس من الإنصاف إغفال الحقيقة المرة التي نعيشها بسبب الوضع الداخلي اللبناني الصراعات السياسية الداخلية في لبنان تزيد من تعقيد الوضع وتضعف القدرة على التعامل مع هذه الأزمات، إذا كان لبنان يريد أن يعيد بناء نفسه، فعليه أولاً أن ينتهي من الانقسامات السياسية وأن يبني توافقاً داخلياً يسمح بتوجيه الجهود نحو إعمار البلاد.
وتساءل، ألم يحن الوقت لنا كلبنانيين أن نعيد النظر في حساباتنا؟ هل سنظل رهائن لهذا الصراع المستمر؟ لم نعد قادرين على تحمل المزيد من الخسائر سواء كانت اقتصادية أو بشرية، كان من الممكن أن تكون هذه الخسائر فرصة لإعادة النظر في كيفية تحسين البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية في لبنان. لا يمكننا مواصلة العيش تحت تهديد مستمر، ولا يمكننا العودة إلى نقطة الصفر بعد كل هذه المعاناة. يجب أن نتحمل المسؤولية وأن نتخذ خطوات ملموسة لضمان أن يكون لبنان أكثر قوة وأقل عرضة لهذه الأزمات.
وأتم، يظل السؤال قائماً: من سيأتي لإنقاذ لبنان؟ هل سنظل نتلقى الوعود التي لا تتحقق، أم سنكون نحن من سيقرر مصير هذا البلد؟ نحن بحاجة إلى حلول حقيقية، ليس فقط لمواجهة العدوان الإسرائيلي، ولكن أيضاً لإصلاح ما يمكن إصلاحه داخلياً، واستعادة ما ضاع منا.
معاناة الحرب والاقتصاد المنهار
وعن معاناة مزدوجة عاشتها اللاجئة السورية في لبنان، بيان طارق، قالت، إن كوني لاجئًة سوريًة في لبنان، عايشت العديد من الصعوبات قبل الحرب الحالية، لكن مع بداية النزاع بين إسرائيل وحزب الله، أصبحت المعاناة أكثر قسوة ومرارة، الوضع الذي كنت أظن أنه بلغ ذروته، تحول إلى معركة لا أعرف كيف أواجهها، حيث أجبرتني الحرب على مواجهة واقع أليم على عدة جبهات، الحرب الحالية بين إسرائيل وحزب الله لا تقتصر فقط على الأضرار التي لحقت باللبنانيين، بل امتدت آثارها إلى ملايين اللاجئين السوريين الذين اضطروا للفرار من بلادهم قبل سنوات.
وتابعت بيان، في تصريحات لـ”جسور بوست”، في كل مرة تشتعل فيها الحرب بين الجانبين، نجد أنفسنا في دائرة الخطر، سواء من القصف المباشر أو من التوترات التي تملأ الأجواء من حولنا في لبنان، لا توجد مسافة أمان نلجأ إليها، الغارات الجوية تتساقط على القرى والمدن كما لو أن الحرب لا تعني إلا تدمير المزيد من الأحلام، ومن بينها حلمنا في العودة إلى وطننا، فمنذ بداية الحرب، نحن اللاجئون السوريون نعاني أكثر من غيرنا.
واسترسلت، تتدهور الظروف المعيشية بشكل سريع تأثرت مصادر دخلنا وأصبحنا نعيش في حالة من القلق الدائم على مستقبلنا، أسعار المواد الأساسية شهدت ارتفاعًا غير مسبوق، فأسعار الوقود والخبز، التي كنا نجد صعوبة في تأمينها سابقًا، أصبحت اليوم بعيدة المنال، إلى جانب ذلك، تضررت الخدمات العامة التي نقدم من خلالها أي نوع من الدعم الاجتماعي أو الطبي، هذا في الوقت الذي يعاني فيه لبنان نفسه من انهيار اقتصادي كان له تأثير كبير على مختلف القطاعات.
وذكرت، أحد أكبر التحديات التي نواجهها هو انعدام الأمان والاستقرار، فالغارات الإسرائيلية تستهدف المناطق المحاذية للحدود، وتطول هذه الغارات المدن والمناطق التي نزحنا إليها، تضاف هذه الغارات إلى انفجارات حزب الله التي قد تطال أي مكان بشكل عشوائي، في كل مرة نسمع فيها الطائرات الحربية، تعود بنا الذكريات إلى الأيام العصيبة في سوريا، حيث كانت الأجواء مماثلة تمامًا لما نعيشه الآن، إلا أن الخوف هذه المرة مضاعف بسبب وضعنا في الخارج، بعيدين عن عائلاتنا وأرضنا.
وقالت بيان، إن خسائر الاقتصاد اللبناني تؤثر علينا بشكل مباشر أيضًا، فلبنان كان يعتمد بشكل كبير على اللاجئين السوريين في الكثير من القطاعات، مثل الزراعة والبناء، اليوم، مع انكماش الاقتصاد اللبناني بشكل متسارع، أصبح لدينا أزمة في تأمين احتياجاتنا الأساسية، لا أستطيع أن أتصور كيف يمكن أن يتحسن الوضع في ظل الحرب المستمرة، لم أعد أعرف كيف أشرح لأولادي ما يحدث، ولا كيف أبرر لهم حقيقة أننا لم نعد في أمان حتى في هذا المكان الذي لجأنا إليه بحثًا عن حياة أفضل. نحن نعيش في حالة انتظار دائمة، لا نعرف ما إذا كان اليوم سيجلب لنا خبزًا أو انفجارًا.
وأتمت، أملنا الوحيد الآن أن تنتهي هذه الحرب بأقل الخسائر وأن يتمكن لبنان من التعافي من الأزمات التي تحيط به، ولكن يبدو أن الواقع أكثر تعقيدًا مما يمكن أن نتصوره، لقد أصبحنا جزءًا من معادلة أكبر، نكافح فيها للعيش وسط نيران الحرب الاقتصادية والعسكرية، ونحاول التمسك بالحياة رغم الظروف القاسية التي تحيط بنا.