مواد غذائية، وملابس للشتاء، وأكياس نوم تقي من البرد، وخيام. هذا بعض من كثير من مواد الإغاثة الحيوية اللازمة للوقاية من طقس الشتاء، التي رأيتها يكسوها التراب خلال زيارتي إلى العريش في مركز المساعدات الإنسانية بمصر، في انتظار إدخالها إلى غزة.
كما شاهدت آلاف الشاحنات متوقفة قرب المعبر الحدودي محملة بمواد منقذة للحياة، وما زالت إسرائيل تمنع دخولها. وقد أخبرني موظفو الإغاثة بأن بعض هذه المساعدات، بما فيها مواد مولتها المملكة المتحدة، تنتظر منذ ما يربو على ستة شهور لإدخالها إلى غزة.
بالتالي أثار استيائي، لكن ليس استغرابي، أن الوضع الإنساني في غزة وصل قبل أسبوع إلى مرحلة جديدة فظيعة. فقد أصدرت لجنة استعراض المجاعة تحذيراً صارخاً في الأسبوع الماضي: مناطق شمال غزة من المرجح أن تواجه مجاعة وشيكة. وفي الأسبوع الحالي بالأمم المتحدة، ترأست المملكة المتحدة جلسة إيجاز بحثت تقرير اللجنة المؤلم، وطالبت إسرائيل مجدداً بالتصرف الآن.
منذ أن تولت حكومتنا مهامها في يوليو (تموز)، دأبت المملكة المتحدة على انتقادها القيود التي تفرضها إسرائيل على المساعدات. يجب على إسرائيل الوفاء بجميع التزاماتها القانونية في غزة. كما أن المساعدات الإنسانية ضرورة أخلاقية في مواجهة هذه الكارثة.
فقد شهد شهر أكتوبر (تشرين الأول) أدنى مستوى من المساعدات التي دخلت غزة منذ بداية الصراع. وكم هو جائر أن يكون المدنيون مهددين بمواجهة مجاعة، بينما المساعدات المنقذة للحياة الممولة من المجتمع الدولي، تنتظر في شاحنات على بعد مجرد بضعة كيلومترات على الحدود، غير قادرة على قطع هذه المسافة القصيرة لدخول غزة.
حكومتنا أوضحت تماماً، من جانب رئيس الوزراء كير ستارمر وكل من دونه، بأن لا عذر لإسرائيل في تقاعسها عن تقديم المساعدة الإنسانية. لقد نفد الوقت، والحاجة للتصرف حانت منذ وقت طويل.
فالمدنيون بحاجة إلى مأوى، وملابس شتوية، ومواد للتدفئة تقيهم من برد الشتاء. ويجب على إسرائيل تيسير اتخاذ تدابير قوية بمجال الصحة العامة للحيلولة دون انتشار أو تفشي أمراض معدية. فقد أظهرت المرحلة الأولى من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال أن تدابير التنسيق وتبادل المعلومات ممكنة، ويجب أن نرى تكرار ذلك خلال الشتاء.
كما اضطر المدنيون للنزوح مراراً وتكراراً، وهناك تقارير واسعة الانتشار تفيد بنزوح عائلات وتنقلها ست وسبع مرات، وبعض العائلات نزحت حتى عشر مرات. المدنيون يستحقون الكرامة والاستقرار، لكنهم يجدون أنفسهم مدفوعين للنزوح من منطقة ينتشر فيها المرض والدمار مباشرة إلى منطقة أخرى مماثلة.
في تواصلنا مع نظرائنا الإسرائيليين، تستمر المملكة المتحدة في التشديد على الحاجة إلى دخول المساعدات بكميات أكبر كثيراً، وتوفير حماية أفضل للمدنيين، وتمكين المستشفيات والبنية التحتية من العمل كما يجب، وتمكين موظفي العمل الإنساني من أداء عملهم بأمان.
لكن إقرار قانون بشأن وكالة «الأونروا»، التي توفر مساعدات للاجئين الفلسطينيين، يهدد بتقويض الاستجابة الإنسانية الدولية برمتها في غزة. يجب على إسرائيل الامتثال لالتزاماتها القانونية، وضمان أن تتمكن «الأونروا» من مواصلة عملها المنقذ للحياة.
اقرأ أيضا| خطة الحصار والتجويع وضم شمال غزة
ما من منظمة يمكنها أن تحل محل «الأونروا»، ولا يمكن استعاضتها بمنظمة أخرى لتوزيع المساعدات في غزة وفي أنحاء المنطقة. وهذا ما دعانا إلى رفع تعليق تمويل «الأونروا» وتقديم 21 مليون جنيه إسترليني استجابة لندائها الإنساني في غزة، ودعم التكليف الأساسي المكلفة به لتقديم خدمات للاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط.
إنني ملتزم بأن يكون للمملكة المتحدة دور ريادي في تخفيف المعاناة بغزة. وهو ما دعاني، خلال زيارتي إلى مصر، لإعلان تقديم مليون جنيه إسترليني لمنظمة الصحة العالمية – مصر، لمساعدة وزارة الصحة والسكان المصرية في دعمها للمدنيين الذين جرى إجلاؤهم طبياً من غزة ويتلقون الرعاية في مصر. كما تمول المملكة المتحدة منظمة «UKMed» الخيرية الطبية – التي تقدم خدماتها مباشرة للمحتاجين للرعاية – لضمان أن تتمكن من إدارة مستشفياتها الميدانية في غزة التي تقدم علاجات تنقذ حياة وأطراف المرضى.
ونحن نواصل دعم وكالات إغاثة موثوقة تقدم خدماتها على الأرض. لكن هذه الوكالات يمكنها تقديم خدماتها بفاعلية فقط، إن مكنتها إسرائيل من فعل ذلك. وقد أثرت هذه المسألة في جميع اتصالاتي مع نظرائي الإسرائيليين.
القتال يجب أن يتوقف.
والوصول إلى تسوية لهذا الصراع يحتل الأولوية منذ أول يوم لحكومتنا.
ونحن بحاجة الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى وقف إطلاق النار فوراً، والإفراج عن جميع الرهائن، وحماية المدنيين، وإدخال المساعدات إلى غزة بكميات أكبر كثيراً، وإيجاد سبيل إلى السلام والاستقرار على المدى الطويل.
وحكومتنا راسخة في التزامها العمل إلى جانب شركائنا تجاه تحقيق هذه الأهداف.