ظن مشجعو الفريق الإسرائيلي بأن الدنيا قد صارت تحت أقدامهم، وأنهم ملوك الأرض، وأن دولتهم هي صاحبة الحق في الحياة، دون غيرهم، وأن لقيادتهم الحق في فعل ما يخطر على بالهم من قتل وتدمير تشريد للشعب الفلسطيني، دون حسب، وظنوا أن الله قد اصطفاهم على بقية البشر، وأن غيرهم من الأغيار أدنى درجة، وعليه، فلا قدرة للخصم على هزيمة فريقهم،” مكابي تل أبيب” وأن التشجيع للفريق الصهيوني هو تشجيع للوجود الصهيوني على أرض فلسطين، وتشجيع للعلو اليهودي على بقية البشر، وأنهم أصحاب قدرات خارقة، وذوو نفوذ لا يقهر.
مشجعو فريق “مكابي تل أبيب” يقدر عددهم بثلاثة الاف، يرافقون الفريق في أوربا أينما حل وحيثما ارتحل، حتى صار لهم صيتٌ وسمعةٌ، وصاروا يتفاخرون بقدراتهم على التأثير في سير المباريات، من خلال دويهم وطنينهم الذي لا يختلف عن طنين الطائرات الإسرائيلية المسيرة على مدار الوقت في سماء غزة.
مشجعو فريق مكابي تل أبيب لم يحترموا القوانين، فهم فوق القانون، لذلك لم يستجيبوا لنداء حكم المباراة، الذي طالب بدقيقة صمت حزناً على أرواح ضحايا الكوارث الطبيعية في اسبانيا، مشجعي الفريق الإسرائيلي ادعو أن المدن الإسبانية لا تؤيدهم، ولا تقف معهم في حربهم ضد أهل غزة، لذلك راحوا يشوشون على دقيقة الصمت.
ولم يكتفوا بذلك، بل واصل الصهاينة عربدتهم وعنفهم في شوارع أمستردام، بعد أن انتهت المباراة، وخرجوا إلى الشوارع يهتفون ضد العرب والفلسطينيين، راحوا يمزقون الأعلام الفلسطينية المعلقة على بعض المنازل، وراحوا يتحرشون بكل صوت عربي وإنساني يطالب بوقف حرب الإبادة ضد غزة، بل تعمد مشجعو الفريق الإسرائيلي استفزاز العرب والمسلمين، وهم يهتفون ضد العرب، ويطالبون نتانياهو بمواصلة حرب الإبادة والتطهير ضد غزة ولبنان، وطالبوه بعدم وقف إطلاق النار، واستخدام كل أنواع الأسلحة التدميرية.
اقرأ أيضا| عنصرية الكنيست الإسرائيلي
بعد كل هذا الفجور، وكل هذه الغطرسة، بدأت المرحلة الجديدة من اليقظة العالمية لوحشية هؤلاء الإرهابيين، واستيقظت الجماهير العربية والإسلامية والإنسانية من صمتها، وبدأت الجماهير المستفزة الغاضبة في امستردام بالرد على العدوان بالعدوان، لينقلب المشهد، وتتحول القضية من ملاعب كرة القدم، إلى الملاعب السياسية، فإذا بالضباع الصهيونية المفترسة تتحول إلى فرائس لأسود العرب، وإذا بعلم إسرائيل يهوي تحت الأقدام، ليرفرف علم فلسطين على كل الجدران في أمستردام، ويقع الصهاينة بين جريح وطريح ووضيع وذليل تحت ركلات أبطال الحق العربي.
هذا المشهد لا يقف عند حدود أمستردام، هذا المشهد يحاكي الوضع الصهيوني في كل الدنيا، فهؤلاء الإرهابيون قتلة سفاحون إذ تمكنوا، وإذا لم يجدوا من يصدهم ويردعهم، وهؤلاء الصهاينة جبناء أذلاء إذا لمحوا طرف العصا التي تلوح لهم بالتقريع والتأديب.
هذا المشهد المتحول من غطرسة صهيونية إلى خنوع، أجبر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي على مطالبة الصهاينة في أمستردام بتجنب التنقل في الشوارع والبقاء في غرف الفنادق.
ما جرى في شوارع أمستردام من عربدة صهيونية يحاكي ما يجري على أرض فلسطين، فالهدوء والأمن والتسامح والتساهل وطيب التعامل والتطبيع وفتح المعابر، يشجع الصهاينة لأن يحسبوا أنفسهم أسياد الأرض، وأنهم شعب الله المختار، وأن القتل والتدمير والتحقير للآخرين بعض حقوقهم، وهذه مشكلتهم ومأساتهم منذ قديم الزمان، وكما تقول كتبهم وأسفارهم: إنهم لا يستمرون بهذا العلو كثيراً، فهم يصطدمون دائماً بالعقد الثامن من وجود كيانهم المتغطرس المتكبر المتحكم بأهل الأرض، لتبدأ مرحلة الذبول والأفول.