دولة الإحتلال

ردّ إسرائيلي منضبط على إيران.. ماذا بعد؟

من مصلحة النظام الإيراني أن يقلل من خطورة الضربات على أراضيه حتى لا يبدو ضعيفاً أمام جمهوره وحلفائه وأعدائه في الخارج؛ وكذلك، من مصلحة إسرائيل أن تلتزم بالصمت حيال الأهداف الدقيقة والخطط لمزيد من الهجمات.

لم يختلف رد إسرائيل ليل أمس كثيراً عن الهجوم الإيراني عليها مطلع هذا الشهر، بالرغم من العجز الفاضح للدفاعات الإيرانية. فإضافة إلى أن الهجوم الإسرائيلي كان متوقعاً منذ الهجمات الإيرانية بصواريخ بالستية في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) على إسرائيل، لا يبدو أن أضراره خرجت عن نطاق الحدود التي رسمتها القنوات الخلفية المفتوحة بين واشنطن وطهران وإسرائيل، والتي يبدو أن موسكو شاركت فيها أيضاً.

لم تستهدف الهجمات الإسرائيلية منشآت استراتيجية عسكرية أو اقتصادية، ولا شيء يوحي بأنها اقتربت من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، الذي حدده الإعلام العبري في الأسابيع الأخيرة هدفاً محتملاً لإسرائيل.

ففيما أفاد الجيش الاسرائيلي بأنه نفّذ “ضربات دقيقة على أهداف عسكرية”، وقال متحدث باسم البيت الأبيض “إن الضربات تجنبت المناطق المأهولة بالسكان، وإن إسرائيل ليست مهتمة باندلاع حرب أوسع نطاقاً”، أكدت مصادر ايرانية استهداف مواقع عسكرية وتحدّثت عن مقتل جنديين. وسُمعت انفجارات في طهران ومحافظتين أخريين في ما بدا ثلاث موجات من الهجمات.

اقرأ أيضا| فصل غزة.. سياسة إسرائيلية

من مصلحة النظام الإيراني أن يقلل من خطورة الضربات على أراضيه حتى لا يبدو ضعيفاً أمام جمهوره وحلفائه وأعدائه في الخارج؛ وكذلك، من مصلحة إسرائيل أن تلتزم بالصمت حيال الأهداف الدقيقة والخطط لمزيد من الهجمات، غير أن التقارير الواردة لا تشير إلى أهداف بحجم التهديد والوعيد الذي أطلقته إسرائيل طوال الأسابيع الأخيرة، بل منشآت تصنيع صواريخ دقيقة ودفاعات جوية.

الهجوم هو المرة الأولى التي تعترف فيها إسرائيل علناً بتنفيذ عملية عسكرية داخل إيران، بعد سنوات من الصمت الاستراتيجي بشأن الاغتيالات وأعمال التخريب التي تقوم بها على الأراضي الإيرانية. وهو أيضاً نادر من قوة جوية أجنبية في إيران منذ حربها مع العراق في الثمانينيات.

وبذلك، كان يمكن أن يجرّ المنطقة نحو حرب إقليمية، لكنه بدا  محسوباً لتجنب إثارة انتقام عنيف، وشكل أفضل سيناريو لاحتواء هذه الجولة من الهجمات، مع حصر إسرائيل ضرباتها بالأهداف العسكرية بدلاً من البنية التحتية النووية أو النفطية، وهذا يمنح إيران مخرجاً إذا كانت تبحث عنه، فيما يوفر للإدارة الأميركية متنفّساً لتمرير انتخاباتها المقرّرة في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) بسلام، من دون ضغوط خارجية بحجم انفجار كبير في الشرق الأوسط.

مع ذلك، لا شيء مضموناً في صراع أصبح مباشراً ومفتوحاً بين خصمين لدودين خاضا سنوات من حروب الظلّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى