توصل بحث قدمت جامعة “الأمم المتحدة” إلى وجود 5 عواقب خطيرة نتيجة للتجاهل الدولي للعديد من الاضطرابات السياسية والصراعات العنيفة التي شهدها العالم منذ عام 2020، بعيداً عن الحرب في أوكرانيا وغزة، وأدت إلى تداعيات إنسانية ضخمة.
ووفقا لبيان نشرته جامعة الأمم المتحدة، التي تتخذ من اليابان مقرا لها، اليوم السبت، فإنه رغم أن الأحداث في أوكرانيا وفلسطين قد جذبت غالبية اهتمام المجتمع الدولي، فإن العديد من الصراعات الأخرى في أماكن مختلفة من العالم تم تجاهلها إلى حد كبير، ما أثر سلبًا على التنمية المستدامة والجهود العالمية لتحقيق السلام.
واستعرض البحث العواقب الخمس كالتالي:
1- المزيد من الأزمات وأقل تمويل
أدت التحديات المستمرة في مناطق أخرى من العالم إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، حيث سجلت بعض البلدان تراجعًا حادًا في مستوى الدعم الدولي، ففي السودان، على سبيل المثال، تسبب الصراع في مقتل أكثر من 15 ألف شخص وأدى إلى نزوح مئات الآلاف.
اقرأ أيضا.. نزاعات وحروب وإقصاء.. كيف يؤثر غياب النساء على مستقبل السلام بالعالم العربي؟
ولكن تزامنًا مع تصاعد الأزمات في أوكرانيا وغزة، انخفض تمويل المساعدات الدولية لهذه المناطق، ونتيجة لذلك، لم تجد العديد من الدول مثل ميانمار، وبوركينا فاسو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية التمويل الكافي لمواجهة الأزمات المتصاعدة، ما أدى إلى تفاقم الفقر المدقع والجوع.
وبحسب التقارير الدولية، بلغ عدد النازحين في العالم في عام 2024 أكثر من 120 مليون شخص، وهو رقم غير مسبوق، وقد تجسد هذا التراجع في الدعم الدولي في انخفاض المساعدات الإنسانية في العديد من المناطق التي تعاني من النزاع مثل جنوب السودان ووسط إفريقيا، حيث شهدت هذه البلدان مستويات قياسية من الفقر والجوع في ظل ندرة التمويل.
2- عكس مكاسب التنمية
تشمل التهديدات التي تشهدها البلدان المتأثرة بالصراعات تراجعًا في مكاسب التنمية التي تم تحقيقها على مدى عقود، الحرب في السودان على سبيل المثال، دمرت البنية الأساسية الأساسية بما في ذلك المستشفيات والمدارس، هذا التدمير أسفر عن انخفاض كبير في مستويات المعيشة، لا سيما للنساء والأطفال الذين يعانون من تدهور حاد في الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم.
وفي بوركينا فاسو، أدى انتشار الجماعات المسلحة إلى تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، حيث ارتفعت مستويات الجوع بشكل كبير وأصبح من الصعب الوصول إلى التعليم، خاصة للأطفال.
وفي ميانمار، حيث استمر الصراع منذ الانقلاب العسكري في عام 2021، قتل أكثر من 5000 مدني، وزادت حالات النزوح القسري لتصل إلى أكثر من 3.3 مليون شخص، وقد ساهم هذا النزاع في تدهور الاقتصاد المحلي وزيادة معدلات الفقر بشكل غير مسبوق.
3- صعود الاستبداد
واحدة من أخطر العواقب الناجمة عن تجاهل الصراعات الأخرى هي تعزيز الحكم الاستبدادي في بعض المناطق، ففي بوركينا فاسو ومالي والنيجر، ساعد ضعف الاهتمام الدولي على تمكين الأنظمة العسكرية من التمسك بالسلطة، هذه الأنظمة غالبًا ما تتمتع بدعم شعبي متزايد، ولكنها تقيّد الحريات وتستغل الوضع السياسي غير المستقر لتعزيز سلطتها، ما يعيق التوصل إلى حلول سلمية طويلة الأمد.
4- انتشار شبكات الجريمة المنظمة
في ظل تراجع الاهتمام الدولي بالصراعات المجهولة، استفادت الجماعات الإجرامية من الفوضى وعدم الاستقرار المتزايد في مناطق مثل منطقة الساحل وغرب إفريقيا وأمريكا الوسطى، حيث نشأت شبكات الجريمة المنظمة التي تملأ الفراغات السياسية وتستغل ضعف الحكومات لإعادة تشكيل أوضاع السلطة لصالحها.
كما أصبحت المنظمات الإرهابية مثل “داعش” تلعب دورًا أكبر في توسيع نفوذها في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك في منطقة الساحل الإفريقي حيث تعمل على تأجيج العنف وتعميق الاضطرابات.
تُساهم هذه الجماعات في تقويض جهود السلام والتنمية عبر عدة طرق: أولاً، تقوم بتهريب الأسلحة والمخدرات، ما يعزز من فوضى المناطق المتضررة. ثانيًا، تساهم في تدهور الاقتصاد عبر إعاقة أنشطة الأعمال والنقل، ما يزيد من تعقيد عملية إعادة بناء هذه المناطق بعد النزاعات، حتى بعد هزيمة هذه الجماعات، يبقى من الصعب استعادة الثقة بين المواطنين والدولة.
5- تصعيد الصراع
يؤدي تجاهل هذه الصراعات إلى تصعيد العنف وزيادة عدم الاستقرار في المناطق المجاورة، على سبيل المثال، أدى النزاع المستمر في منطقة الساحل إلى انتقال العنف عبر الحدود إلى الدول المجاورة مثل مالي والنيجر وتشاد، ومن المرجح أن تتفاقم هذه الظاهرة، حيث تتسع دائرة الصراع لتشمل مزيدًا من الدول المتاخمة. وفي منطقة البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى، ساهمت الحروب والصراعات السياسية في تصاعد الهجرة الجماعية من المناطق المتضررة، ما أضاف أعباء اقتصادية واجتماعية جديدة على الدول المستقبلة للاجئين.
وخلص البحث إلى أن معالجة الصراعات التي قد لا تكون تحت الأضواء الإعلامية الآن هي أمر بالغ الأهمية لحفظ السلام العالمي، وأن تجاهل هذه المناطق يعني تأجيل حلول السلام المستدامة وتفاقم الأزمات الإنسانية على المدى الطويل.