برنامج “ما خفي أعظم” الذي تبثه قناة الجزيرة، عُرضت فيه حلقة بعنوان “أسرار الطوفان”، حيث كشفت عن كواليس عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. الحلقة تضمنت شهادات ومشاهد حصرية نقلت تفاصيل غير مسبوقة عن التخطيط والتنفيذ لهذه العملية النوعية. هذا المقال يقدم تحليلاً مفصلاً للحلقة وما أثارته من نقاشات حول أبعاد العملية وتأثيرها الإقليمي.
المحاور الأساسية للحلقة
1. التخطيط الاستراتيجي للعملية
الحلقة كشفت أن عملية “طوفان الأقصى” لم تكن عشوائية بل جاءت بعد تخطيط دقيق دام سنوات. تطرقت إلى مراحل الإعداد التي شملت بناء شبكة من الأنفاق لتجاوز الحصار، وتطوير قدرات عسكرية نوعية مثل تصنيع الصواريخ والأسلحة محلياً.
2. المشاهد الحصرية والشهادات
قدمت الحلقة لقطات حصرية من داخل الأنفاق التي وُصفت بأنها “مدينة تحت الأرض”، تُدار منها العمليات العسكرية. كما تضمنت شهادات نادرة لقيادات في حماس، أبرزهم محمد الضيف ويحيى السنوار، حيث تحدثوا عن الدوافع وراء العملية ورسائلها السياسية.
3. الرسائل السياسية والاستراتيجية
ركزت الحلقة على الرسائل التي أرادت حماس إيصالها من خلال العملية، سواء على المستوى الداخلي الفلسطيني أو الإقليمي والدولي. أبرز هذه الرسائل تمثلت في كسر هيبة الاحتلال الإسرائيلي وتعزيز المقاومة كخيار أساسي للشعب الفلسطيني.
النقاش والتحليل
1. دلالات التوقيت
تزامنت العملية مع تصاعد الأحداث في الضفة الغربية وبالتخديد في جنين بعد العملية العسكرية الإسرائيلية ، مما جعلها تبدو كخطوة دفاعية تصعيدية. كما سلطت الحلقة الضوء على كيفية استغلال حركة حماس للظروف الإقليمية والدولية لتحقيق أهدافها، حيث أظهرت كيف أن التوقيت ساهم في كسب التعاطف الشعبي وتعزيز الدعم الدولي للمقاومة الفلسطينية، لا سيما من قبل منظمات حقوق الإنسان والدول التي تدعم حق تقرير المصير.
2. البعد الإعلامي
أثبت برنامج “ما خفي أعظم” مرة أخرى قدرته على إثارة النقاش من خلال تقديمه مواد إعلامية حصرية وغير تقليدية. العرض المفصل للعملية أعطى زخماً إعلامياً كبيراً للمقاومة الفلسطينية وأعاد تسليط الضوء على الصراع.
3. التداعيات الإقليمية والدولية
أثارت الحلقة ردود فعل واسعة، حيث اعتُبرت توثيقاً تاريخياً لحدث مفصلي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فعلى المستوى الدولي، أعربت بعض الدول الغربية عن قلقها إزاء التصعيد المتزايد وتأثيره على استقرار المنطقة، بينما شهدت المنطقة العربية مواقف متباينة؛ إذ عبّر البعض عن دعمهم للمقاومة الفلسطينية، في حين التزمت أطراف أخرى الصمت خشية تداعيات سياسية. كما فتحت الحلقة الباب أمام تساؤلات حول مدى تأثير مثل هذه العمليات على مواقف الدول العربية والإسلامية من القضية الفلسطينية.
حملت حلقة “أسرار الطوفان” من برنامج “ما خفي أعظم” الكثير من الرسائل والدروس. فقد سلطت الضوء على الإعداد المحكم لعملية “طوفان الأقصى” وأبعادها السياسية والعسكرية، مما يعكس تطور أدوات المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.
مثل هذه البرامج لا تقدم فقط سرداً للأحداث بل تُعدُّ جزءاً من معركة الوعي التي تخوضها الشعوب، وهو ما يجعلها ذات تأثير يتجاوز حدود المشاهدة إلى خلق وعي أوسع بالقضية الفلسطينية.
تظل الأسئلة مفتوحة حول مستقبل الصراع وكيفية استثمار مثل هذه العمليات إعلامياً وسياسياً لتعزيز الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية. يمكن تصوّر عدة سيناريوهات، منها تصعيد مستمر يؤدي إلى تدويل أوسع للقضية الفلسطينية، أو استغلال الزخم الإعلامي لتعزيز المفاوضات السياسية. كذلك، قد تتبنى بعض الدول استراتيجيات جديدة لدعم الفلسطينيين نتيجة الضغوط الشعبية الناتجة عن توثيق مثل هذه العمليات.