لم يطرأ على سلوك المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان أي تغيير منذ أن رفض مجلس صيانة الدستور أهليته مرتين في وقت سابق، والغريب أنه لم يتساءل، لماذا قبل المرشد الذي يصف نفسه بأنه نائب المهدي ترشيحه هذه المرة لخوض الانتخابات الرئاسية؟
ومسعود بزشكيان من أصل كردي وأذربيجاني ولِد في عام 1954 في مدينة مهاباد. أكمل دروسه الابتدائية في مهاباد وأورومية وحصل على شهادة الدبلوم في الزراعة، فرع الغذاء، وقضى خدمة العلم في مدينة زابول شرق البلاد.
وبعد عودته درس في جامعة الطب في مدينة تبريز، وتخرج في هذه الجامعة وبعدها حصل على اختصاص جراحة القلب في عام 1987. وكانت زوجته آنذاك تدرس في قسم جراحة النساء.
وبدأت حياته السياسية خلال الولاية الثانية لمحمد خاتمي عندما تولى منصب مساعد وزير الصحة ثم أصبح وزيراً للصحة. وتوفيت زوجته وأحد أبنائه في حادث سير.
وكان بزشكيان منذ عام 2008 حتى الوقت الحالي ممثلاً لمدن تبريز، وآذرشهر، وأسكو في مجلس الشورى الإيراني. وكان يمارس الطبابة منذ أيام الحرب الإيرانية- العراقية، وهو منصهر في الولاء لعلي خامنئي.
بعد هذه المقدمة نصل إلى أساس الموضوع وهو أن علي خامنئي يعمل لتسخين تنور الانتخابات بالخداع من خلال استدعاء قطة تسير خلف صاحبها، بخاصة أن بزشكيان ومن خلال مسؤولياته السابقة لم يكن شخصية سيئة بالنسبة للسلطات. كان بإمكان مسعود بزشكيان أن يرفض خوض الانتخابات ويتجنب إغراءات محمد صدر ومحمد خاتمي، ويتجنب الظن بأن المرشد ينوي التمهيد لوصول الإصلاحيين إلى الانتخابات من خلاله.
لقد أساء مسعود بزشكيان لنفسه وللشعب الإيراني. طبقاً للسيناريو الذي رسمه خامنئي، فإنه يهدف إلى جر عدد أكبر من الناخبين إلى صناديق الاقتراع. لا توجد هناك معجزة. ما سيحدث هو معركة تحول فيها بزشكيان إلى وقود لتسخينها، وهناك من ينفخ في هذه النار، ومنهم محمد خاتمي، وآذر منصوري، ومحمد صدر، وكثيرون من الطامعين بالوصول إلى تولي حقائب في حكومته.
اسمحوا لي بصفتي صحافياً قديماً، أن افترض وقوع المستحيل. إننا أمام قمع كبير ضد النساء والأحرار وإغلاق المواقع، وما تبقى من جرائد تأخذ صبغة “كيهان” المحافظة التي يشرف عليها حسين شريعتمداري ممثل المرشد في الصحيفة.
لو كان بزشكيان قد تجنب خوض الانتخابات فإننا سنجد أنفسنا أمام تكرار نتائج انتخابات عام 2021. فنسبة المشاركة لن تتعدى 7 إلى 10 في المئة في طهران و12 إلى 15 في المئة في بقية أنحاء إيران. من يأتي سيكون أسوأ من إبراهيم رئيسي. ووقتها سيتباهى خامنئي أمام بايدن وترمب وأصحاب السلطة في أوروبا وكندا ليقول: “هل رأيتم أن الشعب يرغب بنا، لا حديث عن مهسا والحجاب قائم وسنستمر بدعم حزب الله وحماس ونزود روسيا بالطائرات المسيرة وسيستمر ظلنا الدائم في لبنان واليمن. إذا كنتم أهلاً للمواجهة فتفضلوا، وإذا تنوون المساومة معنا أيضاً تفضلوا”.
لكن مع المسرحية التي بدأها مسعود بزشكيان والموالون للمرشد والإصلاحيون المنصهرون في “القائد المعظم” فإن الانتخابات سيكون لها متفرجون كثيرون.
الاستفتاء لم يكن حصراً عبر التصويت بـ نعم أو لا. الامتناع من التصويت يعد نوعاً من الاستفتاء أيضاً. من خلال عدم التصويت نقول للمسؤولين غير المؤهلين إننا لسنا مغفلين.
نعم أيها المواطن العزيز. لا تسمحوا لهم بأن يتصوروا أننا مغفلون.
ماذا سيكون ردنا أمام أبنائنا الذين يسألون لماذا شاركتم في الانتخابات على رغم كل هذا الفساد والغطرسة والقمع؟
تذكروا مرة أخرى اليوم الثاني بعد الانتخابات. هل سنقول للعالم إن شعبنا العظيم أثبت مرة أخرى أنه لن تنطلي عليه خطط ولي الفقيه وعملائه، على رغم محاولات تحبيب هذه الدميات المنصهرة في ولاية الفقيه من بزشكيان، إلى علي رضا زاكاني، فسعيد جليلي، إلى اللواء محمد باقر قاليباف.
وكان الشعب منذ عام 2021 حتى الآن قد أدار ظهره للانتخابات ثلاث مرات وقد أدلى بصوته على نظام الجمهورية الإسلامية.
يجب أن يذهب هذا النظام… وقتها لن يتمكن علي خامنئي أن يرسل باقري شقيق صهره إلى مسقط من أجل التقارب مع الولايات المتحدة.
هذا النظام كما قال حسن مدرس “قد أسقط فعلاً”، وأن عدم عودته رهن بتضامننا وإرادة شعبنا العظيم.
ما زال لدي أمل.