تحتفي دول العالم باليوم العالمي للوقاية من الاستغلال والانتهاك والعنف الجنسي ضد الأطفال والتعافي منها، في 18 نوفمبر من كل عام، حيث يمثل هذا التاريخ نقطة تحوّل هامة في تعزيز الوعي العالمي حول مشكلة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وتقديم الدعم والمساعدة للناجين من هذه الجرائم المروعة.
النشأة التاريخية
تم تحديد 18 نوفمبر من كل عام ليكون اليوم العالمي لمنع الاستغلال الجنسي ضد الأطفال، وذلك من خلال قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 77/8، الذي اعتمدته في 7 نوفمبر 2022، حيث جاء القرار ليؤكد أهمية الوقاية من الانتهاكات الجنسية ضد الأطفال ودعم الناجين من هذه الانتهاكات في جميع أنحاء العالم.
وأُطلق هذا اليوم العالمي بهدف لفت الأنظار إلى التحديات التي يواجهها الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية في جميع أنحاء العالم، ودعوة الدول والمجتمعات إلى تعزيز سبل الحماية لهم.
جاء القرار بعد مطالبات واسعة من المنظمات الدولية والمجتمع المدني، حيث كانت العديد من الدول، مثل سيراليون ونيجيريا، قد طالبت في وقت سابق بتخصيص يوم للتركيز على هذه القضايا.
اقرأ أيضا.. لبنان بين جحيمين.. نزاع حزب الله وإسرائيل يضاعف الأزمات الاقتصادية والإنسانية
منذ اعتماد هذا اليوم، أصبح بمثابة منصة للتأكيد على الحاجة الملحة لتفعيل آليات الوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال وتعزيز تعافيهم بعد الاعتداءات التي تعرضوا لها، إلى جانب مكافحة الجرائم الجنسية التي قد تكون لها آثار سلبية مستمرة على صحة الأطفال النفسية والجسدية.
أهم الأهداف لعام 2024
ترتكز جهود اليوم العالمي 2024 على تعزيز الوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال، وخاصة في مجالات مثل الإنترنت، حيث يشهد هذا المجال ارتفاعًا مقلقًا في الجرائم المرتبطة بالأطفال، كما يُركز هذا العام على ضرورة دعم الناجين وتقديم الرعاية الصحية والنفسية اللازمة لهم.
تُشير التقارير إلى أن أكثر من 120 مليون فتاة تحت سن العشرين تعرضن لأشكال مختلفة من الاستغلال الجنسي القسري، وفي حين أن الإحصائيات حول العنف الجنسي ضد الأولاد تعتبر أقل وضوحًا، إلا أن الدراسات التي أجريت في 24 دولة ذات دخل مرتفع ومتوسط، أظهرت أن معدل الاعتداءات الجنسية ضد الفتيات يتراوح بين 8% إلى 31% بينما يتراوح بين 3% إلى 17% بالنسبة للأولاد دون سن 18 عامًا.
التحديات العالمية المتزايدة
تستمر العديد من المناطق في العالم، وخاصة في ظل الحروب والنزاعات، في مواجهة تحديات كبيرة تتعلق باستغلال الأطفال، يرتبط ذلك بشكل وثيق مع التغيرات المناخية التي تجعل من الأطفال في بعض المناطق ضحايا للعنف الجنسي. تُظهر الإحصائيات أن الأطفال في المناطق المتأثرة بالنزاعات هم أكثر عرضة للاستغلال، سواء من خلال الاختطاف أو الاتجار بهم، بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية التي تُرتكب ضدهم خلال الحروب.
وتشير دراسات علمية إلى أن حوالي واحد من كل أربعة أطفال دون سن الخامسة يعيشون مع أمهات تعرضن للعنف في الأسرة، ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن هذه الظروف تزيد من احتمالية تعرض الأطفال للاستغلال الجنسي.
يُعد الفقر والتمييز الهيكلي من أبرز الأسباب التي تجعل الأطفال أكثر عرضة لهذه الانتهاكات، ويؤدي هذا إلى تأجيج دائرة العنف في المجتمعات.
الجهود الدولية
تستمر الأمم المتحدة والدول الأعضاء في تكثيف جهودها للحد من الاستغلال الجنسي للأطفال من خلال اتخاذ إجراءات قانونية وتشريعية لتعزيز العدالة، وفي هذا السياق، يتم التركيز على ضرورة مكافحة الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت، وهي قضية تؤثر بشكل خاص في الأطفال في جميع أنحاء العالم.
كما تشدد المنظمة على أهمية ضمان الشفاء النفسي للأطفال الناجين من العنف الجنسي من خلال توفير البرامج العلاجية والدعم النفسي والاجتماعي، مع ضرورة محاكمة الجناة وضمان تقديم العدالة للضحايا.
تُشير الإحصائيات إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للاعتداءات الجنسية يمكن أن يعانوا من آثار نفسية طويلة الأمد تشمل الاكتئاب والقلق، وقد يؤدي ذلك إلى ظهور مشاكل صحية مزمنة في المستقبل.
وتؤكد الدراسات أن الناجين من هذه التجارب يكونون أكثر عرضة لمشاكل صحية مثل الأمراض العقلية، وقد يعانون من تدهور في جودة الحياة بشكل عام.
دعوات إلى توحيد الجهود العالمية
دعت الأمم المتحدة في هذا اليوم جميع الجهات المعنية، بما في ذلك المؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، إلى تكثيف العمل لضمان عدم تعرض الأطفال لأي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي، يشمل ذلك ضرورة زيادة الوعي العام وتعزيز جهود المحاسبة القانونية لمنع تكرار مثل هذه الجرائم.