حماس

السـنـوار لــن يــذرف دمــعــة على طرد “حماس” من قطر

مشكلة إسرائيل والولايات المتحدة ليست هي ثقل الضغط الذي يمكن أن تستخدمه قطر على قيادة حماس الخارج.  على الطاولة توجد صفقة متفق عليها، يجب أن يصادق عليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار، وليس قطر أو إسماعيل هنية. 

«لا تعتقدوا أن مكاتب حماس في قطر ستغلق، ليس لأننا نريد فقط أن تبقى حماس في قطر، بل لأننا نريد التسهيل على المفاوضات مع الطرفين من أجل الوصول إلى حماس بشكل مباشر»، هذا ما قاله وزير الدفاع في قطر، خالد بن محمد العطية، في محاضرة ألقاها يوم الجمعة في المؤتمر الذي عقد في جامعة هبوسبورس في تركيا.

العطية، الذي هو طيار حربي سابق ووزير خارجية سابق والذي يدمج بين أعماله الشخصية ومنصبه الرفيع، طرح موقف قطر التقليدي الذي يقول إن استضافة حماس لا تستند إلى أسباب أيديولوجية، بل هي لأسباب عملية.

للوهلة الأولى أقوال الوزير تبدو كرد على ما نشر في «وول ستريت جورنال»، الذي مفاده بأنه تحت ضغط واشنطن فإن مصر وقطر حذرتا قيادة حماس من طرد قادة الحركة وتجميد ممتلكاتها. لكن حتى الآن لم تسمع الردود الرسمية لقطر ومصر على هذا النشر.

مع ذلك، قطر سبق لها ورمزت في شهر تشرين الثاني بأنها ستكون مستعدة لـ «إعادة فحص» علاقتها مع حماس دون التطرق إلى قضية إغلاق مكاتبها، ومرة أخرى في شهر نيسان عندما أوضح وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن الثاني، بأنه على خلفية الصعوبات التي تواجهها المفاوضات والهجمات على قطر من أعضاء كونغرس أميركيين فإن «قطر ستعيد فحص مشاركتها في الوساطة».

هذه الأقوال التي أثارت عاصفة تم تفسيرها كنيّة لإبعاد قيادة حماس من قطر.

بعد فترة قصيرة نشر أن إيران توجهت إلى سورية وطلبت فحص استيعاب قادة حماس الذين سيتم طردهم من قطر، لكن سورية رفضت ذلك بشكل قاطع.

طرد قادة حماس، مثل إسماعيل هنية وخالد مشعل ومحمود الزهار وعزت الرشق، ربما هو عقوبة شخصية شديدة على زعماء يعيشون في ترف في الدوحة عاصمة قطر، والذين أصبحوا رمزاً يمثل الفجوة الكبيرة بين قيادة الداخل التي تحارب في غزة بقيادة يحيى السنوار وقادة عز الدين القسام وبين قيادة حماس الخارج. ولكن هناك شك إذا كانت هذه العقوبة ستؤثر على السنوار، الذي هو وليس قيادة حماس الخارج، يمسك بيديه المخطوفين، وبالتالي القرار الفعلي على مصير المفاوضات لإطلاق سراحهم وعلى مستقبل حماس.

السنوار قلب التركيبة الهرمية لقيادة حماس رأساً على عقب. فقد نجح في استخدام الحرب واختطاف جنود إسرائيليين ومدنيين، ليس فقط من أجل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين أو التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار، بل هو دفع قيادة حماس السياسية إلى مكانة ثانوية، مكانة مبعوثين ووسطاء يعتمدون عليه. «ترتيب العمل» هذا الذي يمليه السنوار وضع في الظل أيضاً مجلس الشورى لحماس، الجسم الأيديولوجي المخول باتخاذ القرارات الاستراتيجية والسياسية والعسكرية. والذي هو أيضاً قام بتعيين السنوار كرئيس للمكتب السياسي لحماس في غزة وصالح العاروري الذي تمت تصفيته في كانون الثاني في بيروت كمسؤول عن الضفة، وصادق على تولي هنية رئاسة المكتب السياسي لحماس.

من ناحية السنوار فإنه لا توجد أي أهمية لمكان إقامة قادة حماس الخارج، وهناك شك إذا كان سيذرف الدموع على أنه في الوقت الذي يدير فيه المعركة على حياته تحت الأرض إذا انتقل خصمه اللدود خالد مشعل ليعيش في خيمة. ولكن، كما أوضح وزير الدفاع القطري، فإن نقل مكان إقامتهم يمكن فقط أن يصعب على ترتيبات الاتصال مع السنوار، لا سيما إذا اضطرت هذه القيادة إلى العثور على ملجأ في إيران أو الجزائر أو ماليزيا.

صحيح أن جزءا من نشاطات الوساطة يجري في فرنسا وفي مصر وفي تركيا، وزعماء حماس يمكنهم مواصلة إجرائها حتى لو لم يكونوا في قطر، لكن العلاقة المباشرة بين القيادة في قطر وبين المنظمة توجد لها أهمية كبيرة بسبب التجربة التي راكمتها قطر في الأشهر الثمانية الأخيرة أو بفضل العلاقات القريبة التي بنيت مع ممثلي إسرائيل والولايات المتحدة.

مهمة بلينكن

في المقابل، بالتحديد قطر رغم الموقف الفعال الذي قدمه وزير دفاعها فإن لها مصلحة في الاستمرار في استضافة قيادة حماس للحفاظ على مكانتها كوسيط، طالما أنها تقدر بأنه توجد فرصة لعقد صفقة تشمل إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب.
قطر تتمتع منذ العام 2022 بالمكانة الرسمية كحليفة كبيرة للولايات المتحدة رغم أنها ليست عضواً في الناتو.
وقد حصلت على هذه المكانة من خلال سلسلة مبادرات الوساطة الناجحة التي شملت، ضمن أمور أخرى، الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين الولايات المتحدة وطالبان حول ترتيبات انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان، واتفاق تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وإيران، وتقديم خطة لحل الصراع الدموي في التشاد.

جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران لم تثمر حول الاتفاق النووي الجديد، ومؤخراً نشطت بشكل كبير في الجهود لحل الأزمة السياسية الخطيرة في لبنان، وأصبحت وساطة قطر في الصراعات الإقليمية أمراً استراتيجياً، الأمر المهم بالنسبة للإدارة الأميركية، على خلفية لامبالاة أو عجز دول عربية أخرى مثل مصر أو دولة الإمارات أو السعودية، وبالتالي فإن قرار ترحيل قادة حماس سيتم تفسيره كاستسلام قطر في قضية غزة، أيضاً يمكن أن يضر بالسجل والمكانة التي حصلت عليها بجهود كبيرة، وقد يضر بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، لا سيما أنه تم إدراجها في قائمة الأهداف لأعضاء في الكونغرس الأميركي، الذين يطالبونها باستخدام المزيد من الضغط على حماس، ويدفعون الرئيس بايدن إلى إعادة النظر في علاقاته معها.

مشكلة إسرائيل والولايات المتحدة ليست هي ثقل الضغط الذي يمكن أن تستخدمه قطر على قيادة حماس الخارج.
على الطاولة توجد صفقة متفق عليها، يجب أن يصادق عليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار، وليس قطر أو إسماعيل هنية.

طرد قادة حماس من قطر لن يحل هذا الخلاف. عندما سيصل وزير الخارجية الأميركي غدا إلى المنطقة للمرة الثامنة منذ اندلاع الحرب، فإن مهمته لن تكون فحص كيف يمكن لقطر لي ذراع السنوار، بل لإقناع نتنياهو بالموافقة على الخطة التي سبق وصادق عليها، وأن يعمل على إنهاء الحرب وتطبيق خطة لإدارة القطاع.

قبل عملية إنقاذ المخطوفين الأربعة فإن حماس أعلنت بأنها سترسل في يوم السبت الرد المكتوب على الاقتراح. حيث الطلب الرئيس فيه هو إنهاء الحرب والحصول على تعهد أميركي مكتوب بأنها ستكون هي المسؤولة عن تنفيذ هذا الطلب.
ومن غير الواضح إذا أرسلت حماس الرد حتى الآن، وكيف ستؤثر عملية الإنقاذ على موقفها. ولكن اتفاق وقف إطلاق النار، حتى لو تم التوصل إليه، فإنه لا يحل القضية المتعلقة به بشكل وثيق، التي تتعلق بالإدارة المدنية في غزة، لأنه في المرحلة الأولى في الاتفاق الجيش الإسرائيلي يتوقع انسحابه من التجمعات السكانية في القطاع في الوقت الذي ما زالت فيه إسرائيل ترفض السماح لممثلي السلطة الفلسطينية بإدارة ولو منظومة المساعدات الإنسانية أو تشغيل الطرف الغزي في معبر رفح.

وإذا كانت هناك أداة ضغط حقيقية على السنوار فهي تكمن في الإدارة البديلة التي سيتم تشكيلها في غزة، وليس في السكن المحمي الموجود لهنية في قطر أو الذي سيتم عرضه عليه في دولة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى