عالم التقنية

الذكاء الاصطناعي التوليدي يتفوق على الأطباء

أصبح الحجم الهائل للمعلومات في السجلات الصحية الإلكترونية نقطة انعطاف في الطب الحديث.

كشفت دراسة جديدة، مسارًا واعدًا للذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين سير العمل السريري ورعاية المرضى، وهناك حيث يُعتبر دور مجالسة المريض وظيفة أساسية لدى الأطباء، حيث يجتمع الأطباء يومياً مع عشرات المرضى لتوجيههم وتقديم الرعاية الصحية اللازمة من خلال التوصيات المرتبطة بصحتهم، بناءً على ملاحظات وعوارض المريض، إضافةً إلى نتائج الاختبارات والمعلومات التشخيصية التي يتمّ جمعها خلال جلسات المعاينة.

السجلات الصحية الإلكترونية

وتتمثّل الآلية العملية بتجميع كل هذه المعلومات النصية في السجل الصحي الإلكتروني للمريض EHR. وأصبح الحجم الهائل للمعلومات في السجلات الصحية الإلكترونية نقطة انعطاف في الطب الحديث، يعتمد معظم الأطباء الآن على ملخّصات قصيرة من الملاحظات والسجلات الطبية الطويلة لإدارة رعاية المرضى.

يقول ديف فان فين، المؤلف الأول للدراسة الجديدة في مجلة Nature Medicine ، والذي يستكشف إمكانيات التلخيص بمساعدة الذكاء الاصطناعي التوليدي: “يُعتبر العبء السريري للتوثيق الطبي مرتفعاً، ويستغرق وقتًا طويلاً، وهذا له عواقب على المرضى”.

تلخيص المعلومات

ويضيف: “الأطباء لديهم وقت أقل لرعاية المرضى، وهناك دائمًا احتمال حدوث خطأ خلال عملية تلخيص المعلومات من السجل الصحي الإلكتروني”.

في هذه الدراسة، قام فان فين وزملاؤه في جامعة “ستانفورد” بتكييف 8 نماذج لغوية كبيرة مع النص السريري، واختبروا مهاراتهم في التلخيص مقارنة بمهارات خبراء الطب البشري. ويقول الباحثون إن الأطباء في أغلب الأحيان يفضّلون الملخصات التي ينتجها الذكاء الاصطناعي على تلك التي يقوم بها البشر.

النماذج اللغوية

غالبًا ما يُنشئ الذكاء الاصطناعي ملخصات مشابهة لتلك التي كتبها خبراء طبيون أو أفضل منها. يقول أكشاي تشودري، كبير مؤلفي الدراسة: “يوضح ذلك قدرة النماذج اللغوية على الاندماج في سير العمل السريري وتقليل عبء التوثيق”.

ويكمل شرحه: “مثل هذا التطوير التكنولوجي والتحقق من صحته قد يسمحان للأطباء بقضاء المزيد من الوقت مع المرضى بدلاً من السجلات الصحية الإلكترونية”.

يُعدّ تلخيص السجلات الطبية عملاً صعبًا ومترتبًا للغاية وموجّهًا نحو التفاصيل، حتى بالنسبة للمهنيين الطبيين ذوي الخبرة. ويعتقد الباحثون أن الذكاء الاصطناعي لديه إمكانات كبيرة للعمل في مجال المساعدة لتسريع عبء الحالات لدى الطبيب وكذلك لتقليل الأخطاء.

المعلومات الطبية النصية

وخلال دراستهم، عمل تشودري وفان فين وزملاؤه مع 8 نماذج لغوية وقاموا بتكييفها لتلخيص مجموعة من المعلومات الطبية النصية، تقارير الأشعة، أسئلة المرضى، ملاحظات التقدّم، والحوار بين الطبيب والمريض. وبعد ذلك، في اختبارات عمياء، قامت لجنة مكونة من 10 أطباء بمقارنة الملخصات التي تمّ إنشاؤها بواسطة النماذج اللغوية في الطب مع تلك التي أنشأها خبراء طبيون بشريون، وصنّفوا الملخصات على أساس “الاكتمال والصحة والإيجاز”.

يقول فان فين: “في معظم الحالات، تمّ تصنيف الملخصات من أفضل النماذج اللغوية على أنها جيدة أو أفضل من تلك التي أنشأها البشر”. في نصف الحالات تقريبًا 45%، اعتقد المقيِّمون أن الملخصات التي أنشأها الذكاء الاصطناعي كانت على الأقل بنفس جودة الملخصات التي أنتجها الإنسان، وفي أكثر من ثلث الحالات 36% حكموا عليهم بأنهم متفوقون.

لا مجال للخطأ

مع العلم أن هناك الكثير من المعلومات حول ميل الذكاء الاصطناعي إلى “الهلوسة”، أي اختلاق معلومات غير صحيحة، فقد حرص الباحثون على استكشاف ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيُدخل معلومات ملفقة في ملخصاتهم. وفي حال ثبت ذلك، فسيكون ذلك بمثابة ضربة قوية ضدّ الذكاء الاصطناعي، مع الأخذ في الاعتبار العواقب الوخيمة للوضع الطبي وجدلية توظيف الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.

يقول فان فين: “اتضح أن البشر أيضًا يخطئون في بعض الأحيان، وتبيّن أن النموذج اللغوي الأفضل، وعلى الرغم من أنه ليس مثاليًا، أنتج عددًا أقل من المعلومات الملفقة حتى من خبراء الطب البشريين”.

الممارسة السريرية

ويضيف، أنّه بعيدًا من تقديم معلومات غير دقيقة، يمكن أن ينتهي الأمر من خلال النماذج اللغوية إلى تقليل المعلومات الملفقة في الممارسة السريرية.
سيقوم فان فين وزملاؤه بضبط نماذجهم والعمل على تقديم مساعدة الذكاء الاصطناعي إلى الإعدادات السريرية في العالم الواقعي.

ويختم فان فين :”ابقوا متابعين، نحن على وشك اختبار النماذج اللغوية في بيئات العالم الحقيقي، ومساعدة الأطباء في قضاء وقت أقل في التوثيق، حتى يتمكنوا من تقديم رعاية أفضل للمرضى”.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى