الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء
يعد الذكاء الاصطناعي العام نوعا افتراضيا من الذكاء، يتميز بالقدرة على الفهم والتفكير من خلال مجموعة واسعة من المهام. وستحاكي هذه التكنولوجيا أو تتنبأ بالسلوك البشري.
تاكسي طائر ذاتي القيادة لأول مرة في موسم الحج بالسعودية، هو أول تاكسي جوي ذاتي القيادة مرخص من سلطة الطيران المدني بالعالم، ضمن 32 تقنية حديثة تطبق في حج هذا العام، في إطار جهود حكومية لتبني التقنيات الحديثة. وروبوتات شبيهة بالبشر تعمل في مصانع تسلا تؤدي مهام موكلة إليها بشكل مستقل. واستخدام الذكاء الاصطناعي في المحاكم بالمغرب.
هذه بعض العناوين لأخبار نشرت خلال 24 ساعة فقط عن تطبيقات جديدة لأنظمة الذكاء الاصطناعي واستخداماته في حياتنا اليومية.
بعد مرور عام ونصف العام فقط على إطلاق “تشات جي بي تي”، برنامج الذكاء الاصطناعي التوليدي المُبتكَر من شركة “أوبن إيه آي”، في نوفمبر 2022، تعمل الشركات الكبرى مثل “مايكروسوفت” و”غوغل” و”أمازون” و”ميتا” جاهدةً لإدراج هذه التقنية في خدماتها.
الهاتف الذكي وحده، يضع تحت إمرتك حجما من المعلومات والخدمات كان مجرد التفكير بها قبل عقد من الزمن أكثر من خيال علمي. بامتلاكك لهاتف ذكي اليوم، أنت تمتلك دليلا سياحيا وصحيا واقتصاديا وقانونيا.. هذا بالطبع إلى جانب الكاميرا وأدوات المونتاج وأدوات الترفيه.
ولكن بقدر ما يثير الذكاء الاصطناعي من تفاؤل يثير أيضا حجما لا يستهان به من المخاوف. بالطبع لا نتحدث عن سيناريوهات تعلن فيها الروبوتات العصيان على البشر. ولا عن حروب تقودها مخلوقات آلية مصنعة.
بعد مرور عام ونصف العام فقط على إطلاق “تشات جي بي تي”، تعمل الشركات الكبرى مثل “مايكروسوفت” و”غوغل” و”أمازون” و”ميتا” جاهدةً لإدراج هذه التقنية في خدماتها
قد لا نشارك المروجين لمثل هذه السيناريوهات مخاوفهم، ولكن لابد أن نقف طويلا لمراجعة الآثار التي قد يخلفها الذكاء الاصطناعي على المجتمعات وعلى البنية الاقتصادية من حولنا، خاصة عندما تصدر مثل هذه التحذيرات عن مراجع علمية وشخصيات ساهمت منذ البداية بتطوير هذه التكنولوجيا.
بعد تعيينه من قبل أوبن إيه آي بعامين للتنبؤ بتقدم التكنولوجيا حذر دانييل كوكوتايلو أن احتمال تدمير “الذكاء الاصطناعي العام” AGI للبشرية يبلغ حوالي 70 في المئة، لكن الفريق المطور يمضي في أبحاثه قدما بعيون مغمضة.
ويعد الذكاء الاصطناعي العام نوعا افتراضيا من الذكاء، يتميز بالقدرة على الفهم والتفكير من خلال مجموعة واسعة من المهام. وستحاكي هذه التكنولوجيا أو تتنبأ بالسلوك البشري، في حين تظهر القدرة على التعلم والتفكير.
وفي مقابلة مع “نيويورك تايمز”، قال كوكوتايلو، الذي ترك فريق الحوكمة في أوبن إيه آي في أبريل الماضي “إن شركة أوبن إيه آي متحمسة حقا لبناء الذكاء الاصطناعي العام، وتسعى لتكون الأولى في هذا المجال”.
وأضاف كوكوتايلو أنه بعد انضمامه إلى أوبن إيه آي قبل عامين، حيث تم تكليفه بالتنبؤ بتقدم التكنولوجيا، توصل إلى استنتاج مفاده أن الصناعة لن تقوم بتطوير الذكاء الاصطناعي العام بحلول عام 2027 فحسب، بل هناك فرصة قوية لأن تؤدي هذه التكنولوجيا إلى إلحاق ضرر كارثي بالبشرية أو حتى تدميرها، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
ويرى كوكوتايلو أن من واجب الشركة المطورة لتشات جي بي تي أن تركز على السلامة وتنفق المزيد من الوقت والموارد على مواجهة المخاطر التي تنجم عن تطوير الذكاء الاصطناعي بدلا من الاستمرار في جعله أكثر ذكاء. مؤكدا أنه نقل مخاوفه إلى الرئيس التنفيذي لأوبن إيه آي سام ألتمان، وزعم أن ألتمان اتفق معه، لكن شيئا لم يتغير منذ ذلك الحين.
ويعد كوكوتايلو جزءا من مجموعة من المطلعين على أوبن إيه آي، الذين أصدروا مؤخرا رسالة مفتوحة تحث مطوري الذكاء الاصطناعي على تحقيق قدر أكبر من الشفافية والمزيد من الحماية للمبلغين عن المخالفات.
ودافعت أوبن إيه آي عن سجل السلامة الخاص بها وسط انتقادات الموظفين والتدقيق العام، قائلة إن الشركة فخورة بسجلها الحافل في توفير أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة وأمانا، وتؤمن بنهجها العلمي لمعالجة المخاطر.
ليس يوم القيامة ما يحذر منه كوكوتايلو ومن يشاركه الرأي في ذلك.. القيامة ليست الآن كما يروج البعض. والذكاء الاصطناعي لن يحول البشر إلى كائنات أشبه بالزومبي كما زعم باحثون تحدثوا عن تحولات مخيفة سيتعرض لها البشر مستقبلا، تشمل الأيدي التي ستنبت لها مخالب، وأجساد هلامية وملامح مجعدة. كل ذلك في أقل من 100 عام.
وكشف باحثون عن نموذج ثلاثي الأبعاد – يدعى آنا – كشف عما يمكن أن يبدو عليه البشر بحلول عام 2100، ويعرض تغيرات يسببها الاستخدام المتنامي للتكنولوجيا، والتعرض للشاشة، ووضعية الجلوس السيئة، ويسلط الضوء على مشكلات الصحة العقلية المحتملة، إذا ما استمرت معدلات التطور باستخدام التكنولوجيا بنفس الوتيرة.
وتعاون المصممون مع خبراء في الصحة لفحص “الآثار الصحية الضارة المحتملة للعمل من المنزل”. وما تبقى تكفل به الذكاء الاصطناعي الذي أنشأ نموذجا ثلاثي الأبعاد لكائن مترهل ضعيف البنية.
النتيجة في النهاية كانت كائنا هو أقرب إلى “زومبي” منه إلى البشر.
هذا التصور مردود عليه، خاصة إذا علمنا أن أحد الأوجه الإيجابية لاستخدام الذكاء الاصطناعي هي إتاحة المزيد من الوقت للبشر للتفرغ إلى الأنشطة الجسدية والسفر.
أيضا قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى حماية الأرواح وتقليص الإصابات بين الجنود. بل هناك من يعتقد أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب سيساهم في وضع حد للحروب.
رغم ذلك لابد من الاعتراف أن الذكاء الاصطناعي الذي يحمل الكثير من الأخبار الإيجابية للجنس البشري، خاصة على صعيد العناية الصحية والبيئة والحلول الغذائية، يثير أيضا مخاوف مبررة وجادة خاصة المتعلقة منها بالجوانب الاجتماعية.
وإن لم نكن قريبين بعد من يوم القيامة، ألا أننا كجنس بشري معرضون لفقدان وظائفنا، وهنا لا يمكن كما يؤكد الخبراء استثناء حتى المبرمجين والعاملين على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي نفسها.
وإذا كانت المجتمعات المتطورة قادرة على إيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية التي قد تنجم عن استخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أن انعكاس ذلك على المجتمعات الفقيرة والنامية سيكون أشد ضراوة. ونحن اليوم نتلمس أولى هذه المخاطر المتمثلة بتصاعد أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا وموقف تلك الأحزاب من المهاجرين، بعد أن تقلصت الحاجة إلى الأيدي العاملة المهاجرة، وهو ما يؤكده الخبر الذي أشرنا إليه في البداية عن استخدام روبوتات بشرية تحل محل العاملين البشر في المصانع سيتم تسويقها قريبا.
ليس علينا أن ننظر بعيدا لرؤية المخاطر، ولا نحتاج لخيال علمي لندرك حجم هذه المخاطر. لقد أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي ماثلة بيننا وتحل محلنا بهدوء وبطء، بل يمكن أن نقول دون أن نخشى المبالغة أن مياه الذكاء الاصطناعي تجري من تحتنا دون أن نشعر بها.