اعتمد الوجود الصهيوني، أو ما يسمى (إسرائيل)، في فلسطين على خرافة دينية، وهي العودة إلى أرض الميعاد وبناء الهيكل. واعتمد الوجود الإيراني الحالي المستمد من الفكر الصفوي على خرافة ولاية الفقيه بعد الغيبة الكبرى. وبين هاتين الخرافتين والحقائق مفارقات تحتاج لوقفات فكرية لتجلي الحق من الباطل، والحقيقة من الخرافة.
ومنذ عام 1948، احتُلت فلسطين من قبل الصهاينة بدعم من الغرب بسبب هذه الخرافة، فأُهدرت الدماء، واحتُلت الأرض، وسُلب الحق، وزُيِّن لإسرائيل سوء عملها، وعُززت فكرة معاداة السامية، ويبقى الحلم الصهيوني من النيل إلى الفرات مخططاً يجب علينا إيقافه.
وبعد ذلك، ظهرت ولاية الفقيه رسمياً من قبل الخميني في إيران بدعم من الغرب عام 1979، وتبع ذلك تنفيذ مبدأ تصدير الثورة الشيعية عبر تقوية أتباعها في الدول العربية بالذات، وكأن الحال احتلالٌ إيرانيٌ مباشرٌ، حتى وإن كان لسان القوم ينطق حرف الضاد، والحلم الإيراني يتطلع للدخول في جميع أوطان العرب.
وتعدى الحلم الإيراني إلى القضية الفلسطينية، ففرقت الدسائس الإيرانية الصف الفلسطيني، وزرعت عملاءها في بعض الفصائل، وكونت منها فصائل فلسطينية بعقلية إيرانية، وخدعت شعاراتها العقول بادعاء تحرير القدس. ومن المعروف أن من سار خلف أهل الخرافات سيضل الطريق.
اقرأ أيضا| تحديات قيام سلطة وطنية أو سلطة مقاومة في ظل الاحتلال
وبعد تشكل محور المقاومة الخاضع للسيطرة الإيرانية، وما حدث بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) أو ما يسمى بـ(طوفان الأقصى)، تعرضت القضية الفلسطينية لنكسة كبيرة وجديدة على كافة الأصعدة، وتحولت غزة من جوهرة فلسطينية إلى أرض الدمار والتشرد بسبب تهور مجندي إيران في غزة، وكاد المتأثرون بالفكر الإيراني أن يضيعوا الحق الفلسطيني.
جميع المسؤولين عن هذه النكبة التي كادت أن تتسبب في ضياع الحق الفلسطيني من دول وكيانات وشبكات إعلام وأفراد، بما فيهم الإسرائيليون والإيرانيون والفلسطينيون وغيرهم، يجب محاسبتهم ومحاكمتهم.
والحقيقة أنَّ هذه الخرافات لم ولن تنطلي على الشعب الفلسطيني، وسيواصل نضاله وكفاحه مطالباً بحقه، ومتمسكاً بأرضه، واثقاً في سلطته والممثل الحقيقي له، ومحافظاً على علاقته المميزة مع أشقائه العرب. “ولن يضيع حق وراءه مطالب” كما نسمع في الأدبيات.
إنَّه حق طبيعي وتاريخي وقانوني للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، وله حق تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه وعاصمتها القدس، ولن تذهب تضحياتهم للدفاع عن حريتهم ووطنهم سدى. ولهم الحق كذلك في ممارسة كافة السبل للوصول إلى حقهم، بما في ذلك مسار السلام وحل الدولتين.