البرنامج النووي الإيراني وتغيير موازين القوى
المختصون بالشأن النووي الإيراني أعربوا عن استعدادهم لجمع معظم الأجزاء الضرورية لصناعة القنبلة النووية، وأن طهران تبحث بصورة جدية في إعادة النظر في تعهدها على مدى عقدين من الزمن بعدم امتلاك أو شراء أو صنع القنبلة النووية.
بالرغم من الضرر البليغ الذي أصاب المنطقة عموماً، ولبنان خصوصاً، بعد الحرب التي شنها الكيان الإسرائيلي، ومع الضرر الذي أصاب حزب الله واستشهاد قياداته الميدانية وآخرهم السيد حسن نصر الله، إلا أنَّ الواقع على الأرض يتحدث عن رؤية ثانية أكثر تفاؤلاً. فمع كل هذا الضرر، لا تزال الأنظار تتوجه إلى البرنامج النووي الإيراني، الذي تحول إلى ردع تكتيكي لطهران وتهديد لتمدد الكيان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما جعل الأخيرة تعتقد أنَّ الصواريخ الباليستية يمكنها إيقاف هذا الردع وتحقيق توازن في الحرب، بالإضافة إلى حزب الله الذي أصبح أكثر قوة وتماسكاً من السابق ويمتلك إدارة للمعركة بصورة احترافية.
المختصون بالشأن النووي الإيراني أعربوا عن استعدادهم لجمع معظم الأجزاء الضرورية لصناعة القنبلة النووية، وأن طهران تبحث بصورة جدية في إعادة النظر في تعهدها على مدى عقدين من الزمن بعدم امتلاك أو شراء أو صنع القنبلة النووية. وتشير التقارير إلى أن إيران يمكنها صنع القنبلة النووية خلال أسبوعين من الآن أو أنها فعلاً قد صنعت القنبلة. كما أن مخزونها الحالي من الوقود النووي بنسبة 60 بالمئة يمكن تحويله إلى مواد صالحة للاستخدام في الأسلحة، وأن ما حدث من هزة على الحدود مع أفغانستان يُتصور أنه تجربة ناجحة لقنبلة نووية.
اقرأ أيضا.. طهران تطمح إلى تجربة الوصاية
بعد انسحاب طهران من الاتفاق النووي، عملت وبصورة جدية على تطوير برنامجها، وتقدمت كثيراً في هذا المجال، ما جعلها قريبة جداً من امتلاك القنبلة أو أنها بالفعل قد امتلكت أجزاء القنبلة النووية. وتعتبر إيران الدولة الوحيدة التي تنتج اليورانيوم عالي التخصيب وتمتلك ما يكفي من الوقود الذي، بحسب خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يقترب من صنع أربع قنابل نووية، وهذا يشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل، التي تعمل بصورة جدية على عرقلة امتلاك طهران للترسانة النووية.
الحرب التي يقودها الغرب ضد إيران بالتعاون مع الكيان الإسرائيلي انعكست بالإيجاب على طهران، لأنَّ محاولة إضعافها في مواجهة إسرائيل سيجبرها على تطوير أسلحة الردع وتنويع مصادرها. وهذا من شأنه أن يزيد الضغوط على طهران ويجعلها أكثر قوة وإصراراً على امتلاك أسلحة الردع. وستركز على أمنها أولاً قبل اتخاذ أيّ خطوات جذرية في السعي نحو امتلاك القنبلة النووية، مما قد يجبر الولايات المتحدة على إعادة النظر في علاقتها مع طهران والسعي نحو إعادة فتح ملفها النووي، على أسس أحقية إيران في امتلاك الطاقة السلمية.
إيران ليست دولة جديدة أو طارئة، بل هي دولة عمرها مئات السنين، وتمتد لآلاف الكيلومترات، وتمتلك حضارة وشعباً متمسكاً بأرضه ووطنه ومستعداً للتضحية من أجله. وهذا ما شهدناه طيلة السنوات الماضية في تصديها للاعتداءات الخارجية. لذلك، لا يمكن النظر إلى إيران كدولة ضعيفة يمكن القضاء عليها بصاروخ باليستي، بل إن مجرد التفكير في هذا الأمر يعرض المنطقة للخطر ويدخلها في حرب وصراع استنزاف لا ينتهي. كما أن طهران لا تريد الانجرار إلى رغبات وأهواء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جرها إلى حرب يريد الربح فيها، بل تسعى بكل جهدها لتفويت الفرصة وإبعاد شبح الحرب عن الأبرياء العزل.
لذلك، ومن منطلق المسؤولية، أعتقد أن الأوضاع بشكل عام ذاهبة نحو التهدئة، خصوصاً مع الرسائل المهمة التي أرسلتها طهران إلى الغرب بأنها مستعدة لنشر أكثر من ألف صاروخ باليستي وفرط صوتي باتجاه تل أبيب خلال عشر دقائق. وعلى الباغي تدور الدوائر.